دعت منظمة العفو الدولية إلى فتح تحقيق واف ومستقل في أية حوادث تورط أخرى من جانب المملكة المتحدة في عمليات الترحيل السري. وتأتي هذه الدعوة في أعقاب اعتراف حكومتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بأن رحلتين للترحيل السري هبطتا في جزيرة دييغو غارسيا في 2002.
وقال كلاوديو كوردوني، في منظمة العفو الدولية، إنه “وطبقاً لما اعترفت به حكومة المملكة المتحدة، فإن الكشف عن أن طائرات الولايات المتحدة المتورطة في عمليات ترحيل المعتقلين سراً قد هبطت في دييغو غارسيا يناقض على نحو مباشر تأكيداتها المتكررة وإنكارها العلني للحقيقة.
“وهذا يسلط الضوء على ضرورة فتح تحقيقات وافية في عمليات الاعتقال والسري التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية، وفي أي تورط أو تواطؤ بشأنها من جانب الدول الأوروبية”.
وتضمنت عمليات الترحيل السري اختطاف أفراد وترحيل معتقلين على نحو غير قانوني وعمليات اختفاء قسري وأعمال تعذيب واعتقال سري. وهذه جميعاً انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان وللقانون الوطني.
وقد دأبت منظمة العفو الدولية على دعوة سلطات المملكة المتحدة بصورة متكررة إلى فتح تحقيق مستقل في أي تورط للمملكة المتحدة في ممارسة الترحيل السري.
وفي تطور إيجابي، اعترفت سلطات المملكة المتحدة بأنها قد ضللت البرلمان والهيئات الدولية والجمهور. وأعلنت الحكومة عن نيتها مباشرة تحقيقات في رحلات مزعومة أخرى للترحيل السري.
وأضاف كلاوديو كوردوني قائلاً: “يتعين على الحكومات الأوروبية الاعتراف الآن بأن الاعتماد على تأكيدات الولايات المتحدة بشأن عمليات الترحيل السري قد شكَّلت رداً غير كاف على ممارسة غير قانونية. ويجب أن تدفع الاعترافات بشأن دييغو غارسيا جميع الدول الأوروبية إلى التحرك عن طريق مباشرة تحقيقات وافية ومستقلة”.
ومضى إلى القول: “يتعين على الحكومات التجاوب مع الدعوات التي أطلقتها الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا والبرلمان الأوروبي. وعليها أن تأخذ في الحسبان كذلك ضرورة اتخاذ خطوات فورية لضمان عدم السماح لهذه الممارسة بأن تتكرر”.
وكانت منظمة العفو الدولية قد قامت بمراسلات مع وزيري خارجية المملكة المتحدة السابق والحالي منذ 2007، سعياً منها إلى مباشرة تحقيق في سجلات الرحلات الجوية التي أظهرت أن طائرات تشغِّلها السي آي أيه قد قامت بالهبوط في دييغو غارسيا في 2002. وأعربت منظمة العفو الدولية كذلك عن قلقها البالغ بشأن عدم احتفاظ سلطات المملكة المتحدة بسجلات للرحلات القادمة إلى دييغو غارسيا والمغادرة لها. وكان رد وزيرة الخارجية السابقة، مارغريت بيكيت، لمنظمة العفو الدولية أن حكومة المملكة المتحدة قد تلقت تأكيدات صارمة من مسؤولي الولايات المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2006 بأنه لم يحدث في أي وقت من الأوقات أن استخدمت دييغو غارسيا لترحيل سجناء، ولم يحدث كذلك أن مرت أي رحلة من هذا القبيل في أجواء الجزيرة.
وأبلغت مارغريت بيكيت المنظمة أيضاً أن المملكة المتحدة لا تحتفظ عادة بسجل لتدوين الرحلات التي تهبط في دييغو غارسيا أو تغادرها. وكرر وزير الخارجية الحالي، ديفيد ميليباند، هذا القول للمنظمة في أكتوبر/تشرين الأول 2007، معرباً عن اقتناع حكومة المملكة المتحدة بتأكيدات الولايات المتحدة.
وأشار تقرير للجنة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان التابعة لمجلس أوروبا صدر في يونيو/حزيران 2007 إلى أن المزاعم التي تحيط بما ذُكر عن استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لدييغو غارسيا في برنامجها للترحيل السري “جدية بما يكفي للمطالبة بفتح مزيد من التحقيقات بشأنها”.
بيد أن اللجنة “لم تكن في وضع يتيح لها إجراء تحليل كاف للوصول إلى استخلاصات قاطعة”، وجزئياً بسبب حقيقة أن حكومة المملكة المتحدة قد “قبلت بشكل مسبق ‘تأكيدات’ من سلطات الولايات المتحدة … دون أن تسعى في أي وقت من الأوقات إلى التقصي على نحو مستقل أو شفاف بشأن هذه المزاعم بنفسها، ودون أن تحاول تبرئة ذمتها بصورة علنية على نحو كاف”.
واختتم كلاوديو كوردوني بالقول: “إن وقت الكشف عن كل شيء قد حان منذ زمن. وهذا الكشف عن المعلومات بالتنقيط عن ممارسات الولايات المتحدة الأمريكية المتعلقة بالاعتقالات والترحيل السري، ومواصلة الكشف عن أن حكومات أخرى ربما تكون قد تورطت في ذلك، إنما يستدعيان التحلي بالشفافية وبالمساءلة”.