المغرب/الصحراء الغربية: الطريق الشاق لمدافع صحراوي عن حقوق الإنسان

“وقعت منذ السبعينات عدة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ولكن للأسف الشديد نتيجة للتعتيم الإعلامي لم يصل صداها إلى العالم” علي سالم التامك في لقاء مع منظمة العفو الدولية يظل وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية مصدر قلق بالغ ويتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان في هذه المنطقة إلى انتهاكات لحقوق الإنسان على أيدي السلطات المغربية. علي سالم التامك هو أحد المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وعضو في تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان، والتقى مع منظمة العفو الدولية خلال جولته الأخيرة في أوربا في شهر فبراير الماضي. تم اعتقال التامك أكثر من مرة على أيدي السلطات المغربية، وحسب قوله فقد ساهمت منظمة العفو الدولية في إطلاق سراحه مرتين. “في عام 1992، اعتقلت وحكم علي بالسجن 5 سنوات، قضيت منها ما يقارب السنة. وفى عام 1996، اعتقلت لمدة شهرين. وفي نوفمبر من عام 1997، اعتقلت أيضا لمدة شهرين وأطلق سراحي. أما في عام 1998، فقد اعتقلت وحكم علي بالسجن لمدة شهرين مع وقف التنفيذ بسبب نشاطي النقابي.” وأضاف قائلا “بعد ذلك تم اعتقالي للمرة الرابعة، وفي هذه المرة ساهمت منظمة العفو الدولية في إطلاق سراحي في السابع من يناير/كانون الثاني 2004. واعتقلت للمرة الخامسة بعد عودتي من جولة في أوربا بتاريخ 18 يوليو/ تموز 2007، وبعد ذلك ساهمت منظمة العفو الدولية مرة أخرى في إطلاق سراحي.” كما أشار التامك إلى إنه تعرض للتهجير القسري عندما كان طالبا في عام 1992، لأنه كان ممثل الحركة الطلابية، وتعرض كذلك للتهجير القسري من وظيفته. وأضاف أنه نتيجة لرفضه الإذعان لقرار التهجير تم طرده من العمل، وبعد خروجه من الاعتقال منع من دخول إقليم الصحراء الغربية في 24 من يوليو/تموز 2007. وفي عام 2003 زعم أن المخابرات المغربية حاولت أن تستدرج زوجته لتتجسس عليه وعلى أصدقائه، وعندما رفضت، اختطفت بالقرب من السجن برفقة ابنته، وتعرضت للاغتصاب. وقد تناول سالم التامك في لقاءه مع منظمة العفو الدولية نبذة عن انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، كما أشار إلى وقوع انتهاكات جسيمة في السبعينيات من القرن الماضي، مثل الاعتقالات السياسية، والمحاكمات الجائرة، والتهجير القسري الجماعي من الصحراء الغربية إلى المغرب. “كما وقعت حملات اختطاف لمختلف الفئات والأعمار دون تمييز قضى فيها تحديدا 357 مختطفا ومختطفة ما يقارب 16 سنة في مراكز احتجاز سرية مثل قلعة مكونة، أكدز، ومركز البيسيسيمي (مركز قوات التدخل السريع) في مدينة العيون في الصحراء الغربية”. وقال إنه في مرحلة التسعينيات بدأت بوادر الحركة الحقوقية بالظهور نتيجة التغيرات التي شهدتها المنظمات الدولية، وكذلك اتساع إشعاع الحركة الحقوقية الدولية، ووجود عدد هائل لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وأضاف التامك “فهناك التعايش مع المواطنين المغاربة المقيمين في الصحراء الغربية، وهناك أكثر من ذلك وهو العمل داخل منظمات نقابية وحقوقية وسياسية في المجتمع المدني المغربي، ولم يسجل أي شكل من أشكال العنف خلال ما يقارب 30 سنة”. وأوضح التامك إلى أن اللجان الحقوقية التي يعمل فيها تقوم بتقديم شكاوي إلى القضاء المغربي، “ولكن هذه الشكاوي لا يتم التحقيق فيها، ويتم الاحتفاظ بها، أو طي الملف كما حدث مع بعض الحالات من المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية”. كما تطرق إلى وضع السجناء الصحراويين الذين يتم اعتقالهم في مخافر الشرطة لفترة تتراوح بين يوم إلى أربعة أيام “حيث يتم تعريضهم للتعذيب، وبعد ذلك إما أن يتم إعداد محضر مطبوع لهم وإرغامهم على التوقيع ومن ثم تقديمهم للقضاء، أو أن يتم إطلاق سراحهم ورميهم على بعد كيلومترات من المدينة، وهذه الحالات حدثت في الآونة الأخيرة”. أما بالنسبة للسجناء السياسيين فقد تم إطلاق سراح المجموعة التي كانت تضم 8 مدافعين عن حقوق الإنسان على فوجين: “الفوج الأول في 25 مارس 2006، والفوج الثاني في 22 أبريل 2006، ولكن الآن تم اعتقال مجموعة أخرى تتوزع على عدد من السجون المغربية مثل سجن لكحل (السجن الأسود باللهجة المحلية والمعروف رسميا بالسجن المدني في العيون) في الصحراء الغربية، وسجن تيزنيت، وأنزكان، والسجن المركزي في القنيطرة”. وفي تعليق له عن دور منظمة العفو الدولية وحملاتها من أجل المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية قال التامك: “إن منظمة العفو الدولية سواء من خلال إرسال الرسائل عبر أعضائها في العالم، أو المناشدات أو التقارير، فإنها تشكل عاملاً أساسياً وتمارس ضغطاً قوياً على الدولة المغربية من أجل إطلاق سراح السجناء السياسيين”، وأضاف أن منظمة العفو الدولية منذ السبعينيات أولت اهتماماً خاصاً بملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية، وكان لها الفضل، وهذه قناعة مشتركة بين الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية “على أن منظمة العفو الدولية، كان لها الفضل في رفع جزء من الضيم (الظلم) ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية من قبل الدولة المغربية، وبالتالي ساهمت في التعريف بهذه الوضعية و تأطيرها في سياقها القانوني والتاريخي”. ثم أضاف قائلا: “وأعتقد أن عليها الاستمرار في هذه الحملات وبهذه القوة مما سيساهم بشكل كبير في التخفيف من حدة الانتهاكات الجسيمة”. ثم تطرق إلى الحديث عن المضايقات التي تعرض لها وعائلته حين تم اعتقاله في 18 يوليو/تموز 2005 حيث قال إنه قضى 10 أيام في السجن مع خمسة مدافعين آخرين عن حقوق الإنسان، وبعد ذلك تم نقلهم من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، وفي وصفه للظروف التي تعرضوا لها قال: “اختطفنا في شروط مهينة، لا أكل ولا شرب، ومعصوبي العينين، ومكبلي اليدين، أما بقية زملائي فقد تم ترحيلهم لسجن عكاشة في الدار البيضاء، وبعد ثلاثة أيام في 03 أغسطس/أب 2005 اتخذت السلطات المغربية قراراً بإحالتي إلى مستشفى الأمراض العقلية، وهذا القرار قد كتب عنه العديد من الصحفيين”. وأضاف التامك أنه ونتيجة لقيامه بحوالي 22 إضراباً عن الطعام قد لازم الكرسي المتحرك لفترة، وعانى من أمراض مزمنة. “والمسالة الأخرى هو عدد الإضرابات التي خضتها خلال مراحل اعتقال، تصل إلى 22 إضرابا عن الطعام وكما تعلمون في إحدى الإضرابات التي خضتها والتي قضيت فيها 52 يوما، كنت فيها الناطق الرسمي باسم مجموعة المدافعين عن حقوق السجناء السياسيين.” وفي سؤال عن كيفية تحمل عائلته هذه المشاكل والصعوبات التي تعرض لها قال: “في الحقيقة، من الصعب تحمل بعض الممارسات التي تمس الإنسان في العمق، كجريمة الاغتصاب التي تعرضت لها زوجتي، لأنني أبالغ إذا قلت بأنني تحملت، فهذه الواقعة راسخة في ذاكرتي، فقد شكلت لي صدمة، وعندما أسرد تفاصيل هذه القضية، يصعب علي أن أواصل الحديث فيها، ومع ذلك فقد اقتنعت بمرور الوقت أن ما وقع لزوجتي يقع لمئات الصحراويات في الصحراء الغربية، وينطبق كذلك على المئات من النساء المدافعات عن حقوق الإنسان، أو المرتبطات بمدافعين عن حقوق الإنسان في مناطق مختلفة من العالم”.