“قد يستغرق التغيير وقتاً طويلاً، ولكن إذا ناضلت بكل عزم وثبات، فيمكنك تحقيقه”

إن سلسلة دورات “قدرة التربية على حقوق الإنسان على إحداث التغيير” بمثابة إطلالة على قصص المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين شاركوا في مبادرات منظمة العفو الدولية في مجال التربية على حقوق الإنسان، مستوحاة من ناشطين من جميع أنحاء العالم، يتعلمون حقوقهم وينشرون ثقافة عالمية لحقوق الإنسان. كما تسلط هذه السلسلة الضوء على قدرة التربية على حقوق الإنسان على إحداث التغيير، والتحركات التي يبادر بها هؤلاء الناشطون.  

يعتبر كل منوبرونو رودريغيز وفلورنيسيا مانولاكيس من نشطاء حقوق الإنسان في الأرجنتين. ويركزان جهدهما على الحقوق الجنسية والإنجابية، ويساعدان شباب الأرجنتين على معرفة حقوقه، والمطالبة بها.

برونو وفلورنيسيا في إحدى فعاليات التربية على حقوق الإنسان. © Nadia Fusco & Demian Marchi
برونو وفلورنيسيا في إحدى فعاليات التربية على حقوق الإنسان. © Nadia Fusco & Demian Marchi

كيف أصبحتما ناشطين؟

فلورنيسيا: أصبحت ناشطة لأنني رأيت، بصفتي مواطنة شابة، أنني كنت مستبعدة من معرفة حقوقي الإنسانية الأساسية والمطالبة بها. وكنت أعرف أنه يجب معالجة قضية غياب التعليم الجنسي المقدم في المدرسة، كما أدركت أن العاملين في مجال الصحة لا يعرفون الحقوق الإنسانية فيما يخص الجانب الجنسي. وهذا جعلني أقرر أنه يجب أن انخرط في النشاط لإحداث التغيير، ومساعدة الشباب الآخرين.

برونو: بدأ كل شيء بسبب الاستياء الشديد الذي شعرت به عندما علمت أكثر عن وضع الأقليات وغيرها من قطاعات المجتمع المضطهدة والمهمشة. ففي المدرسة الثانوية، كان لدي معلمون ساعدوني في مسيرتي من أجل التمكين، ومنحوني الأدوات. فقد أثارت المشاركة في “نموذج الأمم المتحدة”، ومراكز الطلاب والمبادرات الأخرى، اهتمامي بالانخراط في التأثير الاجتماعي.

فكونك ناشطًا يعني الانخراط في عملية تحويلية لمحيطنا، والنضال من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة للجميع. إنه عمل سياسي، وهذه المهمة تحفزني كل يوم.

كيف انخرطتما في نشاط التربية على حقوق الإنسان؟

فلورنيسيا: بفضل مجموعة شباب منظمة العفو الدولية، تمكنت من المشاركة في ورش العمل. لقد مكّنني حضور هذه الورش، وبيّن لي كيفية تمكين الآخرين. كما جعلني أدرك أنني مهتمة جدًا بقضايا حقوق الإنسان، وهذا هو ما أريد أن أعمل عليه.

توفر لنا ورش العمل هذه مساحة للمشاركة في التدريب والتعليم، وأعتقد أن تعليم الآخرين هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله. وأدركت أن التعليم هو أحد الجوانب الأكثر أهمية للمساعدة، لأنه يمكنك تمكين الآخرين، ممّا يمكن أن يغيّر حياتهم بالفعل. فأنت لا تقوم بالمساعدة فقط، بل تمنحهم أدوات لممارسة حقوقهم.

برونو: التقيت بصديق في “نموذج الأمم المتحدة”، وهو أحد نشطاء منظمة العفو، فقادني إلى الانخراط في نشاط التربية على حقوق الإنسان. فتعرفت على قضية الدفاع عن الحقوق الجنسية والإنجابية وتعزيزها من خلال ورشة عمل، وهذا قادني إلى المساعدة في تنظيم المزيد من ورش العمل في المدارس، وإعداد الشباب للدفاع عن حقوقهم.

أخبرانا عن مبادرة شاركتما فيها من خلال ورش التربية على حقوق الإنسان والتغيير الذي نتج عن هذه المبادرة.

برونو: في العام الماضي، ركزنا تركيزًا كبيرًا على مشروع القانون الخاص بالإجهاض. فنظمنا ورش عمل لتعليم الناس كيفية القيام بالحملات، والتأثير على السياسات. وعلى الرغم من أن مشروع القانون تم رفضه للأسف، إلا أننا لمسنا تأثيرًا كبيرًا وإيجابيًا. وبفضل نشاطنا، كان الجدل الدائر حول إضفاء الشرعية على الإجهاض حاضراً في المجتمع، واقترب جدًا من الموافقة عليه. فقد تمكنا من جعل القضية أمراً متداولًا، في حين كانت قضية ممنوع الخوض فيها.

فلورنيسيا: بالنسبة لمشروع القانون الخاص بالإنهاء الطوعي للحمل، فقد تعاونا مع المدارس في جميع أنحاء البلاد لتنظيم يوم حيث يمكن للشباب التحدث بحرية حول ما يفكرون به. وإلى جانب ورش العمل، وقعنا جميعًا رسالة توضح للسياسيين سبب أهمية الموافقة مشروع القانون بالنسبة للشباب.

لقد قمنا بجميع أنواع الأنشطة المتعلقة بالقضية خلال العام الماضي، في محاولة منا لنبين للناس مدى أهمية مشروع القانون، وفضح الأفكار الخاطئة حول الإجهاض، وتوضيح أن القضية تتعلق بالصحة العامة.

كيف غيّرت التربية على حقوق الإنسان حياتكما؟

برونو: لقد أتاحت لي التربية على حقوق الإنسان الفرصة لمعرفة حقائق مختلفة عن حياتي. كما عززت معتقداتي حول مسؤولية الناشطين الشباب. لقد أصبحت أكثر شغفًا بشأن حقوق الإنسان. والأمر الأكثر أهمية هو أنه ليس جهدًا فرديًا، فانتهاكات حقوق الإنسان تؤثر على المجتمعات، وأن جهدنا لخلق التغيير الاجتماعي أمر جماعي.

فلورنيسيا: أشعر بأنه يوجد من يفهمني، ولا أشعر بالوحدة بعد الآن. أعلم أن هناك مجتمعاً يشاركني أحلامي، ومهتما بالمطالبة بتحقيق حقوق الإنسان للجميع. وأشعر أيضاً بشعور أقوى بفضل الأدوات التي زودتني بها التربية على حقوق الإنسان للنضال من أجل حقوق الإنسان.

التربية على حقوق الإنسان أثناء العمل. فلورنيسيا وبرونو يقودان أحد الأنشطة في ورشة عمل. © Nadia Fusco & Demian Marchi
التربية على حقوق الإنسان أثناء العمل. فلورنيسيا وبرونو يقودان أحد الأنشطة في ورشة عمل. © Nadia Fusco & Demian Marchi

كيف تتغير حياة الناس عندما يعرفون حقوقهم الإنسانية؟

فلورنيسيا: ثمة مثال وجيز للغاية، لكنه عظيم، هو كيف مكنتني التربية على حقوق الإنسان من تمكين صديقاتي من خلال تعليمهن وسائل منع الحمل، والوقاية من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي. فلم يعرف العديد منهن الكثير بشأن هذه القضية، مثل حقيقة أن المستشفيات العامة يجب أن تكفل الحصول على وسائل منع الحمل، وأن تمدك بجميع المعلومات التي تحتاجها بشأنها.                                                                                           

برونو: كانت أسعد لحظة بالنسبة لي، حتى الآن، هي حضور اجتماع للشباب في الجامعة المستقلة في شيلي أثناء مشاركتي في حملة “جسدي”. فقد ألقى ناشط طلابي خطابًا أظهر فيه نجاحات ونضالات الحملة من أجل الإجهاض، فشعرت بذلك الانفعال العميق في نفسي، عندما شهدت التأثير الإيجابي، وتأثير الحملة الأرجنتينية في أمريكا اللاتينية. لقد رأيت أن مهمة منظمة العفو من أجل الشباب تتحدى المستحيل، تناضل عالمياً من أجل احترام حقوق الإنسان. ولقد أدت حملاتنا بشأن الحقوق الجنسية والإنجابية في الأرجنتين إلى إحداث تغيير عميق، ونحن نخوض ثورة خالدة. وسيكون من المستحيل إحباط اندفاعنا.

كيف تعتقدان أن نشاطكما قد أفادا مجتمعكما؟

فلورنيسيا: أعتقد أننا نزرع بذور النشاط وحقوق الإنسان في نفوس الآخرين. ونلفت الانتباه إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب بشكل عادي. فنحن نجعل الناس يفكرون في شيء يفترضون أنه أمر عادي، مثل العنف ضد النساء، ونبين لهم كيف أنه أمر غير سليم، لأنه ينتهك حقوق الإنسان. وفي ورش العمل لدينا، نتحدث عن النوع الاجتماعي، في محاولة لتحديد دلالات يومية على حدوث التمييز الجنسي … وكل شيء من منظور حقوق الإنسان. نحن نحاول إعادة التفكير، وتحليل وإزالة الأشياء التي نعتبرها طبيعية في هذا الصدد.

برونو: هناك قانون في الأرجنتين ينص على وجوب عملية التثقيف الجنسي في المدارس. وللأسف، لا توجد سياسات مطبّقة لضمان قيام المدارس بذلك. فورش العمل التي تنظمها مجموعة الشباب في منظمة العفو توفر للشباب ما لا توفره المدارس، حيث تقدم الموارد والأدوات اللازمة لهم للتعرف على حقوقهم الجنسية والإنجابية. وأعتقد أننا نضمن حدوث تأثير إيجابي على هؤلاء الطلاب، لأنهم بفضل هذه الموارد يمكنهم معرفة حقوقهم والمطالبة بها.

أخبرانا عن فترة نجحت فيها إحدى الحملات التي شاركتا فيها في إحداث التغيير.

برونو: لقد نجحنا في الحصول على تغطية وسائل الإعلام للعديد من القضايا، بدءًا من مشروع القانون الخاص بالإنهاء الطوعي للحمل إلى حملة “جسدي”، والقانون الخاص بالتثقيف الجنسي.

فلورنيسيا: أسعد لحظة أتذكرها هي اليوم الذي وافق فيه مجلس النواب على مشروع قانون الإنهاء الطوعي للحمل. فقد كنا نناضل من أجل هذا القضية طوال العام، ونرفع الوعي، مع توضيح عدد الوفيات التي يمكن تجنب وقوعها. لقد أقنعنا الكثير من الأشخاص الذين كان يساورهم الشك لعدم امتلاكهم للمعلومات الكافية، ولم يكن لديهم حقائق وبيانات موضوعية. فالوصول إلى تحقيق شيء كان محظوراً الخوض فيه لفترة طويلة، وابرازه وجعله متداولاً بين الناس، يعد أمراً ملهماً للغاية. لقد أثبت لنا ذلك أن التغيير قد يستغرق وقتاً طويلاً، ولكن إذا ناضلت بكل عزم وثبات، فيمكنك تحقيقه.