استعراض عام ألفين وتسعة عشر
حالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
في عام 2019، عاد الناس إلى الشوارع. فمن الجزائر إلى بيروت، تظاهر مئات الآلاف من المواطنين للمطالبة بحقوقهم الإنسانية الأساسية: العدالة الاجتماعية، والكرامة، والحرية السياسية. وعلى الرغم من وحشية الشرطة، والاعتقالات التعسفية، وأعمال الترهيب، والاغتيالات، وحملات التشهير، فإن الشباب في جميع أنحاء المنطقة مصرون على المطالبة بضمان مستقبلهم.
اتسمت السنوات التي أعقبت الانتفاضات في عام 2011 بالقمع الوحشي الذي سحق أحلام المستقبل المليء بالحرية والعدالة في المنطقة. ففي مصر والبحرين، سُجن المئات من المعارضين السياسيين والفنانين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بسبب رفع صوتهم ضد حكوماتهم. وفي سوريا واليمن وليبيا، لا تزال الحروب المدمرة تحصد أرواح مئات الآلاف، في حين تدفع آخرين إلى الاختيار بين المنفى القسري أو انعدام الأمن والفقر المدقع. أما الدول التي لم تشهد موجات احتجاجات جماهيرية في عام 2011، فقد كثفت من حملتها القمعية ضد حقوق الإنسان. والمملكة العربية السعودية وإيران، القوتان المتضاربتان الرئيسيان في المنطقة، تسكتان الأصوات المعارضة في الداخل بصورة ممنهجة – وغالباً ما تلجأن إلى عقوبة الإعدام – بينما تشنان حروباً بالوكالة خارج حدود الدولتين، وتسلحان أطرافاً تديم ارتكاب الجرائم الدولية.
وفي خضم هذه الصورة القاتمة في السنوات الخمس الأخيرة، التي جعلت المعركة من أجل حقوق الإنسان في المنطقة تبدو وكأنها قضية خاسرة بالنسبة للعديد من الناس طيلة السنوات الخمس الماضية، فرضت الموجة الثانية من الانتفاضات في عام 2019 واقعاً جديداً وسع الآفاق، وألهِم أجيالاً جديدة. وعلى الرغم من الخصائص المميزة لكل سياق، فقد عقد المحتجون، في الجزائر وفلسطين ولبنان والعراق وإيران ومصر، العزم على المطالبة بحقوقهم بأي ثمن، مما بعث برسالة تحد قوية لحكوماتهم القمعية.
فالاحتجاجات التي يقودها الشباب من النساء والرجال تشترك في أوجه التشابه في مطالبهم؛ من وضع حد للفساد، مروراً بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية للحقوق السياسية، بما في ذلك حرية التعبير. وهم يرددون صدى صيحات الاحتجاج العالمي لجيل شاب، يريد من شيلي إلى هونغ كونغ، أن يستعيد مستقبله الذي بات مهدداً بسبب التفاوت الاقتصادي المتفشي، والقيود المفروضة على الحريات الفردية وتغير المناخ.
وفي عام 2019، جوبه المحتجون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقمع حكومي كبير. وتتكرر نفس الأنماط والأساليب في كل مكان؛ من وحشية الشرطة، والاستخدام المفرط للقوة، والاعتقالات التعسفية، وحالات الاختفاء القسري، وأعمال القتل، إلى المحاكمات الجائرة. وفي العراق وإيران، اتخذت الإجراءات الصارمة أكثر الأشكال دموية، حيث قتل وجرح المئات من المحتجين. وفي لبنان، خلفت وحشية الشرطة إصابات بالغة لمئات المتحتجين. وفي الجزائر، جُرّ النشطاء إلى المحاكم بسبب جرائم تتعلق بحقهم في الاحتجاج، وفي حرية التعبير. وفي فلسطين، لا تزال المظاهرات ضد الاحتلال الإسرائيلي تتعرض للقمع العنيف من قبل الحكومة الإسرائيلية، كجزء من حملة قمع استمرت عقوداً من الزمان ضد الشعب الفلسطيني.
إن منظمة العفو الدولية ملتزمة بالدفاع عن حق المحتجين في مختلف أنحاء المنطقة في التعبير عن مظالمهم، والمطالبة بحقوقهم الإنسانية الأساسية. ونحث السلطات في كل من الجزائر ولبنان والعراق وإيران على توفير الحماية للمحتجين، وضمان حقهم في الاحتجاج السلمي.