خُطفوا فرداً فرداً.. وسيظهر مصيرهم فرداً فرداً

انعقدت أمس وعلى امتداد يومين الجلسة التشريعية للمجلس النيابي اللبناني برئاسة رئيس المجلس نبيه بري، وعلى جدول أعمالها إقتراح قانون إنشاء الهيئة الوطنية المستقلّة للمفقودين والمخفيين قسرياً.

منذ انتهاء الحرب، ينتظر أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان معرفة مصير أحبّائهم وشركائنا في البلد والذاكرة. هنا، تحدّثنا المناضلة وداد حلواني، رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان، عن أهمية هذه اللحظة بالنسبة إلى الأهالي، العدالة والسلم الأهلي في لبنان.

  • ما أهمية إقرار قانون تشكيل الهيئة الوطنية المستقلة للمفقودين والمخفيين قسرياً؟

من المهم إقرار اقتراح القانون لأنه سوف يكرّس حقنا بمعرفة مصير المفقودين والمخفيين وسوف ينشئ هيئة وطنية مستقلة تكون هي المرجعية والطرف الرسمي للمراجعة. عندها، سيكون بمقدور أي شخص لديه المعلومات حول هذا الموضوع، كالمعرفة بوجود مقبرة جماعية بعد الحفر، أن يبلّغ هذه الهيئة.

ومن المهم الوصول إلى الجواب الفردي وليس الجواب الجماعي الذي تعوّدنا عليه. هؤلاء أشخاص تمّ خطفهم فرداً فرداً وليس جماعياً، لذا يحق لنا بالجواب الفردي.

الإقرار يمثّل الاعتراف بوجود المفقودين والمخطوفين، والاعتراف بحقنا بمعرفة مصيرهم، ويشكّل دافعاً أساسياً لعدم تكرار هذا الموضوع. وهو أيضاً خطوة باتجاه تصديق القانون الدولي بحماية جميع الأشخاص من الخطف، الذي وقّعت عليه الدولة اللبنانية في العام 2007 ولم تصدّق عليه حتى الآن.

إذاً، بشكل غير مباشر، هذا القانون يشكّل ضمانة لكل الأشخاص بالحماية.

  • ما تأثير القانون على أهالي المفقودين والمخفيين قسرياً؟

من المهم جداً إعطاء أهالي المفقودين جواباً. أنا صبرت طويلاً، وأمضيت نصف حياتي أعمل للوصول إلى هذا القانون. نعيش في حالة لا يقين، وهذا القانون يعطينا جواباً لكي نخرج من موقع الضحية.

إقرار هذا القانون سيؤثر على العائلات كثيراً إذ أنه سوف ينتزعهم من حالة الإنتظار. حتى لو كلّ المفقودين والمخطوفين أصبحوا أمواتاً، يحقّ لنا دفنهم. نعيش كل يوم في حال من الإنتظار والحزن. تخيّلوا إنتظار شخص تحبونه يومياً لا تعلمون إن كان سيأتي أم لا. الأهالي غير قادرين حتى على الحداد. الحداد مهم للعودة إلى حياة طبيعية.

حتى لو كلّ المفقودين والمخطوفين أصبحوا أمواتاً، يحقّ لنا دفنهم.

وداد حلواني، رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان
  • ما أهمية إقرار القانون من أجل طيّ ملف الحرب؟

إقرار هذا القانون يمثّل مدخلاً لإقفال ملف الحرب الأهلية. نؤكّد لكل الناس أنه إذا أقرّ هذا القانون ستستعيد الدولة نفسها، وتقف على رجليها، ويصبح بإمكاننا التكلّم عن وطن، تتعاطى الدولة فيه مع اللبنانيين كمواطنين، وليس كمسلمين أو كمسيحيين.

عندما تنفّذ هذا القانون، تكون الدولة اللبنانية قد تعاطت معنا كمتساويين، وأكّدت أنها هي المرجعية. لمدة 43 سنة، لم نتوجّه إلا للدولة اللبنانية. وصل اقتراح القانون إلى المجلس النيابي في العام 2012، وتمّت مراجعته من قبل لجنة حقوق الإنسان بمشاركتنا ووجودنا. وفي ايار 2018، اقرّته لجنة الإدارة والعدل. نحن “أهالي المفقودين” لنا الفضل الأساسي في ما وصلنا إليه.

لا نستطيع نسيان الحرب إن لم تُعالَج نتائجها. كأن الحرب ما زالت تمشي على رجليها، بوجود أشخاص لم تُداوَ جراحهم/ن بعد. نحن لا نعيش سلماً حقيقياً. إقرار هذا القانون يعنى اننا سكّرنا آخر ملف من ملفات الحرب. كل المواطنين لديهم الحق في المعرفة، وليس فقط أهالي المخطوفين، فهذا جزء من تاريخ بلدنا. يجب أن نتعلّم من ماضينا. هذا القانون أولوية وطنية يحصّن من حرب جديدة.

لا نستطيع نسيان الحرب إن لم تُعالَج نتائجها. كأن الحرب ما زالت تمشي على رجليها، بوجود أشخاص لم تُداوَ جراحهم/ن بعد.

وداد حلواني، رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان
  • ما هي رسالتك للنواب؟

يا ليت النواب ينسون طائفتهم، ومناطقهم، وأحزابهم، ينسون الإعتبارات السياسية، ويتذكرون أنهم منتخبون ويمثّلون الشعب. يجب أن يضعوا أنفسهم في أماكننا، ويتخيّلوا فقدان أم أو أب أو زوجة أو أولاد. يجب أن ينسوا كلّ شيء اليوم، ويقرّوا هذا القانون كمادة واحدة وبالإجماع لكي نبدأ مسيرة إعادة الدولة واستقرار الوطن. 

نحن لم نذهب إلا إلى الدولة، وقمنا بعمل الدولة، والحلّ عند الدولة. فلتكن فاتحة أعمال المجلس، خاتمة ملف الحرب.