الترحيب بمن أنهكتم الحرب السورية

 بقلم فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية 

   مع غياب بوادر تراجع حدة الأزمة الإنسانية والحقوقية الناجمة عن النزاع الداخلي المسلح في سورية، ثمة إعلانان هامان صدرا في الأسبوع الحالي من شأنهما أن يساعدانا على استعراض عِظم حجم المعاناة التي يعيشها الفارون من القتال هناك، وأن يوضحا ما الذي يمكننا القيام به في سبيل مساعدتهم.

ففي بحر 24 ساعة، أعلنت الأمم المتحدة رسميا تجاوز عدد اللاجئين من سورية حاجز 2 مليون شخص، وصرح مجلس الهجرة في السويد أنه بصدد منح إقامة دائمة لطالبي اللجوء السوريين الراغبين في الإقامة على الأراضي السويدية.

ولعل هذا التصريح نزل بردا وسلاما على آلاف السوريين الذين فروا إلى السويد وقد أنهكتهم الحرب التي انزلقت بلادهم نحوها عقب احتجاجات عام 2011، وما انفكت تتأجج وتستعر منذ ذلك الحين.

ولقد سبق لهذه الدولة الاسكندنافية وأن منحت الإقامة الدائمة لحوالي نصف طالبي اللجوء السوريين المتواجدين على أراضيها، فيما مُنح النصف الآخر منهم تصاريح إقامة مؤقتة لمدة ثلاث سنوات.

وكان مجلس الهجرة السويدي قد أوقف عملياً جميع عمليات ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وذلك اعتباراً من 30 يناير/ كانون الثاني 2012.

 وأما الآن وقد أصبح طالبو اللجوء يتمتعون بصفة الإقامة الدائمة في السويد، فسوف يصبح بمقدور أفراد عائلاتهم التقدم بطلبات لم الشمل والالتحاق بباقي أفراد الأسرة هناك.

وإذ تُعرب منظمة العفو الدولية عن ترحيبها بخطوة السويد الرامية إلى حماية اللاجئين السوريين، فتشير في الوقت نفسه إلى ضرورة قيام دول أخرى في الاتحاد الأوروبي بما هو أكثر، منوهةً بقدرة تلك الدول على ذلك بالفعل.

ولطالما دأبت المنظمة على الضغط الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتحشيدها من أجل اتخاذ تدابير ترمي إلى مساعدة الأعداد الكبيرة من الفارين من سورية – والذين يمكن العثور على أعداد ضخمة منهم الآن في دول الجوار السوري، أي لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر.

وفي المقابل، فإن دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين التي تشكل كتلة سكانية ضخمة قوامها أكثر من 500 مليون نسمة، قد قامت بتوفير تصاريح إقامة دائمة في عام 2012 لما مجموعه 18700 لاجئ سوري فقط.  وتم تسجيل صدور أكثر من 70 بالمائة من هذه التصاريح في دولتين فقط، هما ألمانيا والسويد.

ومن الضرورة بمكان أن يقوم المجتمع الدولي بالتحرك بعزيمة وإصرار للمشاركة في تحمل مسؤولية اللاجئين الفارين من سورية.  ويجب أن تحصل زيادة ملموسة بالتالي في حجم المساندة والدعم المقدميْن لدول الجوار التي ما انفكت تستقبل السواد الأعظم من أعداد اللاجئين، فيما يتعين على دول الجوار في المقابل أن تبقي على حدودها مع سورية مفتوحة أمام جميع الفارين من أتون النزاع المسلح.

وفي الوقت نفسه، ينبغي على المزيد من البلدان أن تحذو حذو السويد بغية ضمان حماية الفارين من سورية، وإيجاد مسارات تخولهم الشروع في بدء حياة جديدة في محيط آمن.

وفي أعقاب إعلان السويد، صرح رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون أن بلاده سوف “تقود العالم” في مجال جهود الإغاثة في سورية.  كما وافقت ألمانيا بالفعل على استيعاب 5000 شخص آخر من سورية عبر برنامج قبول دخول اللاجئين على أسس إنسانية.

وتشكل هذه المبادرات جزءاً حيوياً يكتسي أهمية قصوى في وقف مد المعاناة التي يجدها المدنيون العالقون وسط النزاع السوري.  ومع ذلك، وبعد مضي عامين ونصف العام على بدء الأزمة في سورية ونزوح ثلث سكان البلاد تقريباً داخلياً أو إلى بلدان أخرى، فيجب أن تتحقق عروض المساعدة هذه بسرعة، وأن يتم تكرارها على نطاق واسع من لدن دول أخرى أيضا.

إن منظمة العفو الدولية ماضية في حث جميع الدول القادرة على مساعدة اللاجئين السوريين من أجل أن تبذل قصارى جهدها لمواجهة إحدى أسوأ أزمات النزوح في التاريخ الحديث.

اقرأواالمزيد

لقد تخطى عدد اللاجئين الفارين من النزاع في سورية حاجز المليونيّ شخص – فهل ننتظر لجوء المزيد؟ (3 سبتمبر/ أيلول 2013)  

كفى انزعاجاً بما يحدث في سوريا – العالم بحاجة إلى عمل حقيقي (22 أغسطس/ آب 2013) 

الأردن: منع لاجئين سوريين بينهم أطفال من دخول البلاد (قصة إخبارية: 19 أغسطس/ آب 2013)

النازحون داخلياً في سورية: “لقد نسي العالم أمرنا” (مقالة خاصة: 20 يونيو/ حزيران 2013)