الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

العودة. الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2022

تقاعست الحكومات عن التصدي بالقدر الكافي للعواقب الوخيمة للأوضاع الاقتصادية المتردية، التي تفاقمت بسبب أحداث عالمية من قبيل الحرب في أوكرانيا وعوامل محلية كالصراعات والكوارث المتعلقة بالمناخ، على الحقوق الإنسانية للملايين من البشر في الطعام والماء والسكن والرعاية الصحية.

وظلت الصراعات المسلحة تجر الدمار والوبال حياة الملايين من الناس في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فقد وتعرض المدنيون للهجماته عشوائية، وتدمير منشآت البنية التحتية الحيوية، والنزوح القسري، ورزحوا تحت وطأة الحكم التعسفي للميليشيات أو الجماعات المسلحة أو قوات الأمن التي لا تخضع للمساءلة. وظل الأردن ولبنان تأوبان الملايين من اللاجئين السوريين؛ ولكن كلا البلدين انتهج سياسات قسرية للضغط على اللاجئين وحملهم على العودة. وتقاعست السلطات عن تأمين عودة آمنة للملايين من النازحين داخليًا إلى مواطنهم الأصلية.

وواصلت الحكومات استخدام إجراءات صارمة لقمع الحقوق في حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، وحرية التجمع السلمي. وفرضت السلطات رقابة على وسائل الإعلام الإلكترونية وغير الإلكترونية، أو أسكتتها. وأخضعت المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمتظاهرين ودعاة حقوق المرأة والنشطاء السياسيين وغيرهم من المنتقدين أو المعارضين للاحتجاز التعسفي، والمقاضاة الجنائية التي لا تستند لأي أساس، والمحاكمات الجائرة، والسجن، والمنع من السفر، والتهديدات، وغيرها من أشكال المضايقة. واستخدمت قوات الأمن القوة غير المشروعة، والمميتة أحيانًا، والاعتقالات الجماعية لسحق المظاهرات.

وتضمنت الانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان التمييز ضد الأقليات العرقية والدينية، والاختفاء القسري، والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة، واستخدام عقوبة الإعدام، وغيرها من العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

وسلّطت ثلاثة أحداث، بوجه خاص، الضوء على قضايا حقوق الإنسان في المنطقة؛ في سبتمبر/أيلول، أشعلت وفاة مهسا (جينا) أميني في الحجز عقب اعتقالها من قبل “شرطة الآداب” لمخالفتها قوانين ارتداء الحجاب المسيئة، شرارة مظاهرات لم يسبق لها مثيل تطالب بإنهاء نظام الجمهورية الإسلامية، وإقامة نظام يحترم المساواة وحقوق الإنسان. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، استضافت مصر المؤتمر السابع والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 27) الذي كشف النقاب عن سجل مصر المزري في مجال حقوق الإنسان، وسلط الضوء على محنة عشرات الآلاف من الأشخاص القابعين في السجون المصرية لأسباب سياسية. كما أبرز تقاعس حكومات العالم عن اتخاذ الإجراءات الضرورية لدرء أزمة المناخ والتصدي للتدهور البيئي. وفي وقت لاحق في نوفمبر/تشرين الثاني، استضافت قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم، مما ركز الأنظار على محنة العمالة الأجنبية في قطر، والأوضاع التي يرزح تحت وطأتها بعض العمال الأجانب، والتي تبلغ حد العمل القسري. وكابد الكثير من العمال الأجانب أوضاعًا مماثلة في مختلف أنحاء المنطقة. كما سلط كأس العالم الأضواء على التمييز ضد أفراد مجتمع الميم في قطر.

انتهاكات القانون الدولي الإنساني

استمرت الصراعات المسلحة الطويلة الأمد والاحتلال العسكري وانعدام الأمن في تدمير حياة الملايين من المدنيين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وسوريا، والعراق، وليبيا، واليمن. وعمدت أطراف الصراع، سواء الجهات التابعة للدول أو غير التابعة لها، إلى ارتكاب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك الهجمات العشوائية والمستهدفة التي أوقعت خسائر في صفوف المدنيين، وألحقت دمارًا بالبنية التحتية.

ودخل الصراع المسلح في سوريا عامه الحادي عشر، ولو أن مستويات العنف قد انخفضت. وشنت القوات الحكومية السورية والروسية هجمات برية وجوية غير مشروعة على المدنيين ومنشآت البنية التحتية المدنية، بما فيها محطات المياه ومخيمات النازحين داخليًا، مما أسفر عن سقوط العشرات من المدنيين بين قتيل وجريح.

واستمر الصراع المدمر في اليمن بالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار؛ وشنت جميع أطراف الصراع هجمات غير مشروعة أزهقت أرواح المدنيين، وعرقلت سبل وصول المعونات الإنسانية، ودمرت البنية التحتية المدنية.

أما في ليبيا، فقد تمّ التقيّد عمومًا على المستوى الوطني بوقف إطلاق النار الساري منذ أكتوبر/تشرين الأول 2020. غير أن الميليشيات والجماعات المسلحة استمرت في خوض اشتباكات محلية على الأراضي والموارد، شنت خلالها هجمات عشوائية، ودمرت البنية التحتية المدنية.

واستعر الصراع من جديد بين قوات الجيش الإسرائيلي والجماعات المسلحة الفلسطينية؛ ففي 5 أغسطس/آب، شنت إسرائيل هجومًا عسكريًا دام ثلاثة أيام، مستهدفًا حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في قطاع غزة الذي لا يزال يرزح تحت وطأة حصار إسرائيلي غير قانوني منذ 15 عامًا وحكم تمييزي مجحف. وألحق الهجوم ضررًا ودمارًا بنحو 1,700 منزل فلسطيني، وأدى إلى نزوح المئات من المدنيين. وأدت هجمات إسرائيلية إلى مقتل 17 مدنيًا فلسطينيًا، ولقي ما لا يقل عن سبعة أشخاص حتفهم بسبب صواريخ أخطأت الجماعات المسلحة الفلسطينية في إطلاقها، في ما يبدو.

يجب على جميع الأطراف في الصراعات المسلحة الامتثال للقانون الدولي الإنساني، ولا سيما وضع حد للهجمات المباشرة على المدنيين والبنية التحتية المدنية، والهجمات العشوائية. ويجب على الحكومات الأجنبية أن توقف عمليات نقل الأسلحة حيثما يكون ثمة خطر يفوق أي اعتبار آخر بأنها ستُستخدم في ارتكاب أو تيسير ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو للقانون الدولي الإنساني.

حقوق اللاجئين والمهاجرين والنازحين داخليًا

ظلت الصراعات المستمرة والتاريخية تقوض حقوق اللاجئين والمهاجرين والنازحين داخليًا. وانتهكت الدول المضيفة، مثل الأردن ولبنان، حقوق اللاجئين، بينما لم توفر الحكومات الدولية المانحة التمويل الكافي لبرامج الاستجابة الإنسانية. واستمرت السلطات في اعتقال اللاجئين والمهاجرين واحتجازهم بصورة تعسفية، وإخضاعهم للإعادة القسرية والطرد الجماعي.

واستمر لبنان في استضافة ما يقدر بنحو 1.5 مليون سوري، ولكن تقاعس الحكومة عن تخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد ترك معظم اللاجئين يعيشون في براثن الفقر المدقع، وغير قادرين على الحصول على حقوقهم الإنسانية، مثل حقهم في الغذاء والسكن والتعليم والصحة. كما كثفت السلطات اللبنانية ما يُسمى بعمليات العودة الطوعية للسوريين، بالرغم من الاضطهاد الموثق توثيقًا جيدًا الذي يكابدونه في سوريا، والمناخ القسري السائد في لبنان الذي يقوض قدرة اللاجئين السوريين على إبداء موافقتهم الحرة والمستنيرة على العودة.

واستمر الأردن المجاور في استضافة زهاء مليونين من اللاجئين الفلسطينيين وأكثر من 750,000 لاجئ من بلدان أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كان لدى معظمهم سبل محدودة للوصول إلى الخدمات الأساسية بسبب القصور الشديد في التمويل. ورحبت إسرائيل بعشرات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين، وسمحت للآلاف من الأوكرانيين اليهود بالاستقرار في إسرائيل، ولكنها ظلت تحرم الملايين من الفلسطينيين من حقهم في العودة. كما امتنعت عن منح اللجوء لعشرات الآلاف من الأشخاص الفارين من بلدان إفريقية، وبخاصة من إريتريا والسودان.

وفي ليبيا، أخضع مسؤولو الدولة والميليشيات والجماعات المسلحة اللاجئين والمهاجرين لانتهاكات واسعة النطاق، من بينها القتل غير المشروع، والاحتجاز التعسفي لأجل غير محدد، والتعذيب، والاغتصاب، وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة، والعمل القسري. وأطلق أفراد خفر السواحل الليبي المدعوم من الاتحاد الأوروبي النار على القوارب التي تقل اللاجئين والمهاجرين عبر البحر المتوسط، أو تعمدوا إلحاق الضرر بها. وتعرض للاختفاء القسري الآلاف من الأشخاص الذين اعتُرض سبيلهم في عرض البحر، وأُنزلوا في ليبيا؛ وطردت السلطات الليبية آلاف الأشخاص الآخرين من الحدود الجنوبية للبلاد بدون أن تتيح لهم فرصة التقدم بطلبات اللجوء.

وعلى الحدود بين شمالي المغرب وجيب مليلية الإسباني، استخدمت قوات الأمن من الجانبين القوة المفرطة، مما أسفر عن مقتل 37 شخصًا من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وإصابة كثيرين آخرين بجروح. وفي الجزائر، اعتقلت السلطات العشرات من اللاجئين وطالبي اللجوء أو قامت بترحيلهم بإجراءات موجزة. وفي إيران، أطلقت قوات الأمن النار على مواطنين أفغان أثناء عبورهم الحدود بين إيران وأفغانستان، واحتجزتهم بصورة تعسفية، وقامت بتعذيب آخرين، قبل طردهم بصورة غير مشروعة. وأعادت السعودية عشرات الآلاف من المهاجرين الإثيوبيين قسرًا بعد احتجازهم على نحو تعسفي في ظروف غير إنسانية لعدم حيازتهم وثائق صالحة للإقامة، وإخضاعهم للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وفي سوريا، والعراق، وليبيا، لم يتمكن النازحون داخليًا من العودة إلى منازلهم بسبب انعدام الأمن، ومخاطر الاعتقال التعسفي والمضايقات من جانب قوات الأمن، والافتقار إلى الخدمات الأساسية وفرص العمل.

يجب على الحكومات وضع حد للاحتجاز التعسفي للاجئين والمهاجرين استنادًا إلى وضعهم المتعلق بالهجرة، وحمايتهم من الإعادة القسرية، والطرد الجماعي. كما يجب عليها اتخاذ خطوات ملموسة تضمن العودة الطوعية والآمنة والكريمة للنازحين داخليًا إلى مواطنهم الأصلية.

حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها

استمرت السلطات في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في اعتقال الأشخاص تعسفيًا لتعبيرهم عن آراء انتقادية، أو مشاركتهم في احتجاجات سلمية أو انخراطهم في نشاط حقوقي أو سياسي، واحتجازهم، ومقاضاتهم ومضايقتهم.

استخدمت السلطات قوانين مكافحة الإرهاب أو التهم الفضفاضة الصياغة المتعلقة بـ”الأمن القومي” لإسكات صوت المعارضة، وفرض عقوبات السجن لمدد طويلة. ففي الجزائر، سُجن الناشط البيئي محاد قاسمي لمدة ثلاث سنوات بسبب مراسلات إلكترونية تتعلق باستغلال الغاز الصخري في البلاد. وفي الأردن، اعتُقل ثلاثة صحفيين، ووجهت إليهم تهمة “نشر معلومات كاذبة” بسبب تغطيتهم الصحفية لوثائق مسربة تكشف النقاب عن الأنشطة المالية للشركات والسياسيين والملك. وفي المغرب، حُكم بالسجن لمدة سنتين على المدافعة عن حقوق الإنسان سعيدة العلمي بسبب كتاباتها على وسائل التواصل الاجتماعي التي تندد بقمع الصحفيين والنشطاء. وقد رفعت محكمة الاستئناف العقوبة إلى ثلاث سنوات في ما بعد.

وفي بعض الدول، شددت السلطات الرقابة أو صعدت تهديداتها ضد حرية التعبير. ففي اليمن، أغلقت السلطات الحوثية بحكم الأمر الواقع ست محطات إذاعية على الأقل في العاصمة، وواصلت سَجْن ما لا يقل عن ثمانية صحفيين، أربعة منهم ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام. أما الحكومة السورية، فقد أصدرت قانونًا جديدًا بشأن جرائم المعلوماتية ينص على فرض عقوبات بالسجن لمدد طويلة على من ينتقد السلطات أو الدستور على الإنترنت. وفي تونس، قضى مرسوم جديد بفرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات لإساءة الاستخدام المتعمدة لشبكات الاتصالات بغرض إنشاء، أو إرسال، أو نشر “أخبار كاذبة” أو أي محتوى آخر كاذب أو يتضمن تشهيرًا، وسمح للسلطات بحل الهيئات التي يثبت مخالفتها له. وصدر قانون جديد في الإمارات العربية المتحدة يجرم “كل من سخر أو أهان أو أضر بسمعة أو هيبة أو مكانة الدولة أو أي من قادتها المؤسسين”.

وقمعت السلطات المظاهرات في إيران وسوريا وليبيا، بما في ذلك عبر استخدام القوة المميتة غير المشروعة والاعتقالات الجماعية. وردت السلطات في إيران على انتفاضة غير مسبوقة ضد نظام الجمهورية الإسلامية باستخدام الذخيرة الحية، والكريات المعدنية، والضرب، وقتل المئات من الأشخاص، ومن بينهم العشرات من الأطفال، وإصابة آلاف آخرين بجروح. وقامت السلطات بإغلاق أو تعطيل الإنترنت وشبكات الهواتف المحمولة، وحجب منصات التواصل الاجتماعي. واعتُقل الآلاف من الأشخاص بصورة تعسفية، وأُخضعوا لمحاكمات ومقاضاة جائرة، وتم اعدام شخصين. وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، استخدمت السلطات الفلسطينية أحيانًا القوة المفرطة لتفريق التجمعات السلمية.

وظل مناخ الإفلات من العقاب سائدًا في مختلف بلدان المنطقة، على أعمال القتل غير المشروع، وغير ذلك من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان؛ أما على الصعيد الدولي، فقد اتخذت بعض الخطوات الإيجابية. ففي نوفمبر/تشرين الثاني، على سبيل المثال، أنشأ مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بعثة لتقصي الحقائق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالمظاهرات التي اندلعت في إيران في سبتمبر/أيلول. وبالإضافة إلى ذلك، قامت بلدان أوروبية بالتحقيق مع أفراد يُشتبه في ارتكابهم جرائم منصوص عليها في القانون الدولي في إيران وسوريا، ومقاضاتهم أمام محاكمها الوطنية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.

وفي العديد من البلدان، اتخذت السلطات إجراءات أخرى لسحق المعارضة؛ ففي الجزائر، استخدمت السلطات تهم مكافحة الإرهاب الملفقة لتكميم أفواه أعضاء أحزاب وحركات المعارضة السياسية. كما علّقت السلطات عمل حزب سياسي واحد على الأقل، وهددت بتعليق عمل اثنين آخرين على الأقل. وداهمت السلطات الإسرائيلية مقار سبع من منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، وأمرت بإغلاقها، واستبعدت حزبًا سياسيًا فلسطينيًا من خوض الانتخابات البرلمانية في إسرائيل. وفي ديسمبر/كانون الأول، تم ترحيل المحامي الحقوقي صلاح حموري إلى فرنسا، بعد تسعة أشهر من الاحتجاز رهن الاعتقال الإداري بدون تهمة ولا محاكمة، وبعد تجريده من إقامته في القدس الشرقية.

وخلال الفترة بين أبريل/نيسان ونهاية العام، أفرجت السلطات المصرية عن 895 شخصًا كانوا محتجزين لأسباب سياسية، ولكن ألقت النيابة القبض على2,562 شخصًا يُشبته في أنهم عبّروا عن آراء انتقادية، وحققت معهم أثناء الفترة ذاتها، ومن بينهم المئات في ما يتصل بالدعوات إلى التظاهر أثناء مؤتمر كوب 27 في نوفمبر/تشرين الثاني. وظل رهن الاحتجاز التعسفي الآلاف من المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والمتظاهرين، وغيرهم من المنتقدين والمعارضين، الفعليين أو المفترضين، بسبب ممارستهم لحقوقهم الإنسانية.

يجب على الحكومات احترام الحق في حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، وحرية التجمع السلمي، بما في ذلك ضمان تمتع الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء بهذه الحقوق بدون التعرض للمضايقة أو العنف أو المقاضاة، والإفراج عن المحتجزين بسبب ممارستهم لتلك الحقوق.

التمييز المجحف

النساء والفتيات

في عام 2022، ظلت النساء والفتيات يواجهن التمييز المجحف في القانون والممارسة في مختلف بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك في ما يتصل بالحق في الميراث، والطلاق، والتمثيل السياسي وفرص العمل. وظل العنف القائم على النوع الاجتماعي سائدًا، ولا ينال مرتكبيه أي عقاب. أخضعت السلطات في إيران والسعودية والعراق ومصر واليمن، المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات للمقاضاة، والاستجواب، و/أو غير ذلك من أشكال المضايقة، بسبب تنديدهن بالعنف الجنسي والتمييز القائم على النوع الاجتماعي.

كانت النساء والفتيات في طليعة المظاهرات التي اندلعت في مختلف أرجاء إيران في سبتمبر/أيلول، فتحدين عقودًا من التمييز المجحف والعنف القائمين على النوع الاجتماعي، ورفضن قوانين ارتداء الحجاب الإلزامية والتمييزية والمسيئة.

واستمرت الجرائم التي تسمى “جرائم الشرف”، وغيرها من جرائم قتل الإناث. في وسط العراق واقليم كردستان العراق، تقاعست الحكومة عن تجريم العنف الأسري، بالرغم من تصاعد الأنباء عن هذا النوع من جرائم القتل وغيرها من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما فيها تلك التي تستهدف النساء العابرات جنسيًا. وفي الجزائر، سُجِّلت 37 من جرائم قتل الإناث.

وفي العديد من بلدان المنطقة، أُضعفت أشكال الحماية القانونية من التمييز المجحف بشكل أكبر؛ ففي مارس/آذار، أصدرت السعودية أول “نظام الأحوال الشخصية” في البلاد، يقنن الكثير من الممارسات الإشكالية المتأصلة في نظام ولاية الرجل، ويرسِّخ التمييز المجحف القائم على النوع الاجتماعي في معظم جوانب الحياة الأسرية. وفي تونس، ألغى تعديل على قانون الانتخابات الأحكام التي تحسِّن تمثيل المرأة في البرلمان. أما السلطات الحوثية القائمة بحكم الأمر الواقع في اليمن فقد منعت النساء من السفر بين المحافظات الواقعة تحت سيطرتها بدون محرم، أو موافقته المكتوبة.

ولاحت مؤشرات التقدم في بعض البلدان، مع أن النساء ظللن يواجهن التمييز المجحف والعنف. فقد صادق المغرب على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ولكن القانون المحلي ظل يرسخ اللامساواة بين فئات النوع الاجتماعي. وفي الأردن، أعلن تعديل دستوري المساواة بين الرجال والنساء أمام القانون، وحظر التمييز بينهما، ولكن لم يتم اتخاذ أي خطوات لتعديل قوانين البلاد. وفي الكويت، استحدثت الحكومة تدابير لزيادة تمثيل النساء في الوظائف العامة والمناصب القيادية، ولكن استمر التمييز ضد النساء في القوانين المحلية. وأنشأت السلطات العمانية خطًا هاتفيًا ساخنًا مكرسًا لقضايا العنف الأسري، ولكنها لم تنشئ ملاجئ لإيواء الضحايا ولم تسن قوانين تعرَّف العنف الأسري.

مجتمع الميم

واجه أفراد مجتمع الميم الاعتقال والمقاضاة في مختلف أنحاء المنطقة، وأُخضعوا أحيانًا للتعذيب من قبيل إخضاعهم للفحوص الشرجية القسرية، على أساس ميولهم الجنسية أو هويتهم القائمة على النوع الاجتماعي. وأصدرت بعض المحاكم الجنائية أحكام قاسية بحق الأفراد المدانين بإقامة علاقات جنسية مثلية بالتراضي.

لاحت مؤشرات للتراجع في بعض البلدان. في لبنان، وفي أعقاب صدور دعوات من جماعات دينية تطالب برفض “الترويج للشذوذ الجنسي”، حظرت وزارة الداخلية التجمعات السلمية لأفراد مجتمع الميم، ولكن إحدى المحاكم علّقت هذا القرار. وفي الإمارات العربية المتحدة، حيث يجرِّم القانون العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي، أمرت الحكومة المعلمين في المدارس بعدم مناقشة “موضوعات مرفوضة مجتمعيًا مثل التوجُّه الجنسي غير السويّ والهوية الجنسية والمثلية الجنسية”. وفي اليمن، استهدفت السلطات الأشخاص الذين لا ينطبق عليهم التصنيف العرفي في ما يخص الميول الجنسية أو الهوية القائمة على النوع الاجتماعي بالاعتقال التعسفي والاغتصاب وغير ذلك من ضروب التعذيب.

الأقليات العرقية والدينية

في شتى بلدان المنطقة، ظل أفراد المجتمعات والأقليات القومية والعرقية والدينية يواجهون التمييز المترسخ في القانون والممارسة، بما في ذلك ما يتعلق بحقوقهم في العبادة، والتمتع بفرص متكافئة في مجال التوظيف والرعاية الصحية، وحقهم في حياة تخلو من الاضطهاد وغير ذلك من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

أبقت إسرائيل على شكل متطرف من أشكال التمييز المجحف – نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) – عن طريق القمع والهيمنة على الفلسطينيين من خلال شرذمة الأراضي، والتفرقة والعزل والسيطرة، ونزع ملكية الأراضي والممتلكات، والحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وارتكبت إسرائيل مجموعة واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين من أجل ترسيخ ذلك النظام، ومن بينها النقل القسري، والاحتجاز رهن الاعتقال الإداري، والتعذيب، والقتل غير المشروع، والحرمان من الحقوق والحريات الأساسية، والاضطهاد، وهو ما يشكل الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة بالفصل العنصري. وفي خطوة لزيادة ترسيخ نظام الفصل العنصري، أعادت السلطات، في مارس/آذار، العمل بقانون يفرض قيودًا واسعة للغاية على لمّ شمل الأسر الفلسطينية بهدف الحفاظ على الأغلبية السكانية اليهودية، وفي يوليو/تموز، أيدت المحكمة العليا قانونًا يجيز لوزارة الداخلية بتجريد المواطنين من جنسيتهم إذا ما أدينوا بأفعال تبلغ حد “خرق الولاء للدولة”.

وفي إيران، واجهت الأقليات العرقية التمييز المجحف المنهجي، بمن فيهم عرب الأهواز والأتراك الأذربيجانيين، والبلوشيين، والأكراد، والتركمان، مما ضيَّق سبل حصولهم على التعليم والتوظيف والسكن اللائق والمناصب السياسية. وفي الكويت، واجه البدون (وهم كويتيون أصليون لكن عديمي الجنسية) التمييز المجحف بصورة متزايدة بموجب القانون.

كما واجه أفراد الأقليات الدينية تمييزًا متأصلًا في القانون والممارسة الفعلية، بما ذلك في حقهم في العبادة. ففي الجزائر، استخدمت السلطات أمرًا يفرض قيودًا على الديانات غير الإسلام السني لاضطهاد أفراد من جماعة دين السلام والنور الأحمدي، وإغلاق ما لا يقل عن ثلاث كنائس بروتستانتية. واستمرت السلطات المصرية في مقاضاة وسجن المسيحيين وأفراد الأقليات الدينية الأخرى، فضلًا عن الملحدين، ومن يعتنقون معتقدات دينية لا تقرها الدولة، بتهمة “الإساءة للأديان”، وغيرها من التهم الزائفة. وفي إيران، واجه التمييز المجحف في القانون والممارسة الفعلية البهائيون، والمسيحيون، وجماعة دراويش غنابادي، واليهود، واليارسان، والمسلمون السنة، ولا سيما في ما يتعلق بسبل حصولهم على التعليم والعمل والمناصب السياسية وأماكن العبادة.

يجب على الحكومات اتخاذ إجراءات عاجلة لوضع حد للتمييز المجحف القائم على النوع الاجتماعي والعنف ضد النساء والفتيات وأفراد مجتمع الميم، وتقديم المسؤولين عن تلك الجرائم للعدالة. وينبغي أن تقوم الحكومات بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي. ويجب على الحكومات أن تضع حدًا للتمييز على أساس الأصل القومي أو العرق أو الدين، وأن تنفذ إصلاحات قانونية ومتعلقة بالسياسيات تكفل المساواة للجميع في الحقوق بدون تمييز، وحماية وتعزيز وضمان حرية الدين والمعتقد.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

خلفت الأزمات الاقتصادية في بعض البلدان آثارًا مدمرة على تكاليف المعيشة والغذاء وأمن الوقود، وعلى الحق في الحصول على الماء، والسكن، والصحة، والتمتع بمستوى معيشي لائق. وتضررت من ذلك بوجه خاص الجماعات المهمشة، ومن بينها النساء ومجتمع الميم والأقليات العرقية والدينية، واللاجئون، والمهاجرون، والعمال الذين يتقاضون أجورًا متدنية.

وفي لبنان، تقاعست السلطات عن معالجة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي عصفت بالبلاد، والتي وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية من نوعها في التاريخ الحديث، ما أدى إلى تدهور شديد في ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؛ فكان نحو نصف العائلات اللبنانية يعاني من انعدام الأمن الغذائي، وقلَّصت الدولة إمدادات الكهرباء إلى أقل من ساعتين في اليوم الواحد؛ وأصبح الناس لا يجدون الأدوية أو لا يقدرون على شرائها لضيق ذات اليد؛ وظلت برامج الحماية الاجتماعية قاصرة بصورة مزرية. أما في مصر، فقد ظلت الأوضاع الاقتصادية تتفاقم باطراد حتى وقعت البلاد في براثن أزمة مالية واقتصادية قوّضت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للملايين من الناس. كما ازدادت الأزمة الاقتصادية في تونس سوءًا، حيث بلغت معدلات البطالة 15%، وأصبحت البلاد تعاني من نقص في السلع الغذائية الأساسية. وفي سوريا، كان ما يقدر بنحو 55% من السكان يفتقرون للأمن الغذائي. وفي اليمن، واجه السكان قيودًا شديدة جدًا أمام سبل حصولهم على الغذاء بسبب انخفاض قيمة العملة المحلية، وزيادة التضخم، وارتفاع أسعار السلع الغذائية العالمية.

وفي مختلف بلدان المنطقة، تقاعست الحكومات عن حماية العمال ذي الأجور المنخفضة من انتهاكات العمل، وقمعت حقهم في الانضمام لنقابات عمالية مستقلة، وفي الإضراب دونما خوف من أي عواقب وخيمة قد يجرها ذلك عليهم. وفي الأردن، وإيران، ومصر، عوقب العمال الذين قاموا بتنظيم مظاهرات أو إضرابات، أو سعوا لتشكيل نقابات عمالية، بالفصل الجائر والاعتقال والمقاضاة. وفي دول الخليج، ظل العمال المهاجرون ذوو الأجور المنخفضة، الذين يشكلون أغلبية القوى العاملة، عرضة للاستغلال المفرط، والتمييز المجحف في التوظيف، والسكن غير الملائم بشكل كبير، والتعرض لمجموعة واسعة من صنوف الإيذاء البدني والنفسي، ونقص الأجور أو عدم دفعها، وسبل حصول محدودة على الرعاية الصحية، والفصل الفوري، وإعادتهم إلى أوطانهم. وفي قطر، استمرت الحكومة في إصلاح نظام “الكفالة” للعمال الأجانب، ولكن أخفقت هذه العملية في وضع حد للانتهاكات الواسعة النطاق التي يقاسيها العمال، بما في ذلك سرقة مستحقاتهم. واستمرت السلطات في التقاعس عن إجراء تحقيقات وافية بشأن حالات الوفاة غير المتوقعة في صفوف العمال الأجانب، بما في ذلك أولئك الذين يعملون في الحر الشديد ولفترات طويلة بدون فترات استراحة أو أيام للراحة. وواجه الكثير من العمال الأجانب التمييز على أساس العرق أو الجنسية أو اللغة، مما أدى إلى التفاوت في ما بينهم في الأجور، ورداءة ظروف العمل، وصعوبة الوظائف التي يشغلونها. أما عمال المنازل، وأغلبهم من النساء، فقد ظلوا يواجهون ظروف عمل قاسية، والإيذاء البدني والنفسي الخطير، والاعتداء الجنسي. كما استمرت الحكومة في منع العمال الأجانب من تشكيل نقابات عمالية أو الانخراط فيها، وهو حق مكفول للمواطنين القطريين.

يجب على الحكومات اتخاذ إجراءات عاجلة لإرساء ضمانات الحماية الاجتماعية التي تكفل حماية فعالة للجميع، بما في ذلك الجماعات المهمشة، من الآثار الضارة للأزمات، والدعوة إلى جهود دولية منسقة لضمان حقوق الناس في الصحة، والغذاء، والمستوى المعيشي اللائق. ويجب على الحكومات أيضًا حماية حق العمال في تنظيم نقابات عمالية مستقلة، وحقهم في التظاهر، ولا بد لها من توسيع نطاق ضمانات الحماية المنصوص عليها في قانون العمل بحيث يشمل العمال الأجانب، بما في ذلك عمال المنازل.

التقاعس عن التصدي لأزمة المناخ

تقاعست الدول في مختلف أنحاء المنطقة عن اتخاذ التدابير الضرورية للتصدي لأزمة تغير المناخ والتدهور البيئي، بما في ذلك الدول الأطراف في اتفاق باريس لعام 2015، وهو معاهدة دولية ملزمة قانونًا بشأن تغير المناخ. وشهد عام 2022 أدلة واسعة النطاق على الآثار المدمرة التي خلفتها أزمة المناخ على حقوق الإنسان. في الجزائر، أدت حرائق الغابات إلى تدمير مساحات شاسعة من الغابات، وأودت بحياة أكثر من 40 شخصًا. وظلت إيران تعاني من استمرار تبدد البحيرات والأنهار والأراضي الرطبة والغابات، وارتفاع نسبة تلوث الهواء والماء، وهبوط الأرض. وفي العراق، أدت موجات الجفاف الشديد وموجات الحر والعواصف الرملية إلى نزوح أكثر من 10,000 عائلة.

وتقاعست كبرى الدول المنتجة للنفط والغاز في المنطقة عن تأييد الدعوة للتخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري في الاتفاق النهائي المبرم في مؤتمر كوب27، أو اتخاذ الإجراءات اللازمة في بلدانها لمكافحة تغير المناخ. فلم تقم السعودية، وهي واحدة من كبرى الدول المنتجة للنفط، بتحديث مساهمتها المحددة وطنيًا للحد من انبعاثات غازات الدفيئة. كما تقاعست عن تحديث مساهماتها المحددة وطنيًا كلٌ من الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة – وهي تأتي في المرتبة الثانية والثالثة والرابعة على التوالي بين البلدان المسؤولة عن أعلى معدلات انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون للفرد الواحد في العالم – وقطر. بل إن الإمارات رفعت مستويات إنتاج النفط خلال العام، على النقيض من التزاماتها بموجب اتفاق باريس. وتقاعست دول أخرى عن تحديث أو تعديل أهدافها في ما يتعلق بانبعاثاتها لعام 2030، بهدف إبقاء ارتفاع درجات الحرارة العالمية دون مستوى 1.5 درجة مئوية، أو جعلت تعهداتها المتواضعة مرهونة بالدعم المالي الدولي. وقد طغت أزمة حقوق الإنسان في مصر على المفاوضات الجارية أثناء مؤتمر كوب27، ولا سيما موجة الاعتقالات الجماعية في ما يتصل بدعوات التظاهر بالتزامن مع المؤتمر. وجرت هذه الفعالية في أجواء قمعية حيث أُخضع المشاركون للاستجوابات والمراقبة وغيرها من أشكال المضايقة.

يجب على الحكومات اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثاتها الكربونية، والكف عن تمويل مشاريع الوقود الأحفوري. كما يجب عليها إعادة النظر في مساهماتها المحددة وطنيًا والالتزام بها، والوفاء بجميع التزاماتها بموجب اتفاق باريس.

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة

استمر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، دون أن يخضع مرتكبوه لأي مساءلة أو عقاب، في وإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة وإيران ودولة فلسطين والسعودية وسوريا والعراق ولبنان وليبيا ومصر واليمن.

ارتُكبت الانتهاكات بهدف انتزاع “اعترافات” من المحتجزين ومعاقبتهم. وكان من بين أساليب التعذيب المستخدمة الضرب، والصعق بالصدمات الكهربائية، والإعدامات الوهمية، والتعليق في أوضاع ملتوية، والعنف الجنسي، والحرمان من الرعاية الصحية، والحبس الانفرادي المطوّل. وفي جميع هذه الحالات تقريبًا، تقاعست السلطات عن إجراء تحقيقات وافية بشأن ادعاءات التعذيب والوفيات المريبة في الحجز.

وفي ليبيا، قامت الميليشيات والجماعات المسلحة بتعذيب أو إساءة معاملة المحتجزين بصورة منهجية، حتى الموت أحيانًا، باستخدام الصدمات الكهربائية، والجلد، والعنف الجنسي، وغير ذلك من الأساليب. وفي السعودية، عذبت السلطات عمالًا أجانب، وأساءت معاملتهم، وحرمتهم من الرعاية الصحية الكافية، مما أسفر عن وقوع العديد من حالات الوفاة في الحجز. وفي مصر، ظل التعذيب مستشريًا في السجون، وأقسام الشرطة، والمنشآت الخاضعة لقطاع الأمن الوطني. وفي إسرائيل، استمرت قوات الأمن في تعذيب أو إساءة معاملة المحتجزين الفلسطينيين، وظلت تلك الانتهاكات متفشية في مراكز الاحتجاز والاستجواب التي تديرها السلطات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي لبنان، أصدرت إحدى قضاة التحقيق العسكري قرارًا اتهاميًا بحق خمسة من أفراد أحد أجهزة الأمن بتهمة التعذيب في قضية لاجئ سوري توفي في الحجز، ولكن القضية كانت منظورة أمام محاكم عسكرية جائرة بطبيعتها.

واحتفظت إيران والسعودية وليبيا بقوانين تنص على عقوبات بدنية، مثل البتر، والجلد، والإعماء، والرجم، والصلب. وفي إيران، بترت السلطات أصابع خمسة رجال أدينوا بالسرقة خلال الفترة بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول.

وغالبًا ما احتُجز السجناء في شتى أنحاء المنطقة في ظروف غير إنسانية حيث يعانون من الاكتظاظ الشديد، وسوء التهوية، وتدني مستوى النظافة، ونقص الغذاء والماء، والحرمان من تلقي الرعاية الصحية الملائمة عند الحاجة إليها، ومن الزيارات العائلية، أو حتى استنشاق الهواء النقي والتريض في الهواء الطلق. في البحرين، حُرم أحمد جابر أحمد من الرعاية الطبية لمدى 11 شهرًا، حتى صار عاجزًا عن المشي أو ارتداء ثيابه بنفسه. وفي نهاية المطاف، شخّص الأطباء في أحد المستشفيات حالته على أنه مصاب بمرض السل الذي انتشر إلى عموده الفقري. وفي الإمارات العربية المتحدة، ظل المدافع عن حقوق الإنسان أحمد منصور محتجزًا في الحبس الانفرادي طيلة عام 2022، بلا فراش ولا وسادة، وبدون لوازم النظافة الصحية الشخصية، أو الكتب، أو نظارته.

يجب على الحكومات أن تكفل إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة وفعالة بشأن ادعاءات التعذيب وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء لقسري، وغير ذلك من الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وأن تتخذ التدابير الكفيلة بمنع هذه الجرائم، وضمان تقديم تعويضات للضحايا.

عقوبة الإعدام

احتفظت معظم بلدان المنطقة بعقوبة الإعدام، وأصدرت محاكمها أحكام الإعدام في أعقاب محاكمات جائرة، بما في ذلك على جرائم لا تشمل القتل العمد، وعلى أفعال يحميها القانون الدولي مثل العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي، و”الردة”، وبتهم زائفة أو مبهمة موجهة إلى المعارضين.

ونُفِّذت عمليات إعدام في مصر والسعودية وإيران والعراق ودولة فلسطين، وتحديدًا في قطاع غزة الخاضع لسيطرة سلطات حماس القائمة بحكم الأمر الواقع حيث نُفِّذت عمليات الإعدام لأول مرة منذ خمس سنوات. وفي إيران والسعودية والعراق وليبيا ومصر، صدرت أحكام بالإعدام في أعقاب محاكمات بالغة الجور، ومنها أحكام أصدرتها محاكم الطوارئ، والمحاكم العسكرية، والمحاكم الخاصة. وفي إيران، حيث استُخدمت عقوبة الإعدام على نطاق واسع كأداة للقمع السياسي، ازدادت الإعدامات في عام 2022، واستؤنفت الإعدامات العلنية. وكانت إيران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تنفذ عقوبة الإعدام بأشخاص مدانين بجرائم حصلت عندما كانوا أطفالًا. وشهدت السعودية تنفيذ أكبر إعدام جماعي منذ عقود في 12 مارس/آذار، حيث أُعدم 81 رجلًا؛ واستأنفت السعودية تنفيذ أحكام الإعدام في الجرائم المتعلقة بالمخدرات، بعد توقف غير رسمي دام عامين. وفي العراق ومصر، كانت أحكام الإعدام التي نفذت خلال عام 2022 أقل من سابقاتها في الأعوام الماضية.

يجب على الحكومات الإعلان فورًا عن وقف رسمي لتنفيذ أحكام الإعدام بهدف إلغاء عقوبة الإعدام.