فرنسا

لا تتخذ منظمة العفو الدولية أي موقف من قضايا السيادة أو النزاعات الإقليمية. وتستند الحدود على هذه الخريطة إلى بيانات الأمم المتحدة الجغرافية المكانية.
العودة. فرنسا

فرنسا 2023

استمرت العنصرية والتمييز الديني الممنهجان، بما في ذلك ضد النساء والفتيات المسلمات. واستمر التنميط العرقي مع الإفلات من العقاب. وتواصلت القيود المفرطة المفروضة على الاحتجاجات، والاستخدام المفرط للقوة من جانب الشرطة. وجرت احتجاجات جماعية واضطرابات في أعقاب مقتل فتى من أصل جزائري عمره 17 عامًا على يد الشرطة عند نقطة تفتيش مرورية. وتواترت أنباء عن وقوع أعمال تخريب وهجمات عنيفة عنصرية وقائمة على كراهية الأجانب ومعاداة مجتمع الميم.

أقر البرلمان قوانين جديدة مثيرة للجدل إلى حد كبير، تجيز استخدام تكنولوجيا المراقبة الجماعية بواسطة الفيديو من قبل جهات إنفاذ القانون، وتفرض قيود تمييزية على الهجرة والجنسية واللجوء.

التمييز المجحف

في يناير/كانون الثاني، أطلقت الحكومة خطة تمتد أربع سنوات لمكافحة العنصرية، ومعاداة السامية، والتمييز المرتبط بالأصل، والتي لم تُقر بالعنصرية المؤسسية والممنهجة أو تتصدَّ لها.

وفي يونيو/حزيران، حثت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الحكومة على “التعامل بجدية مع القضايا العميقة للعنصرية والتمييز في إنفاذ القانون” وأهابت لجنة القضاء على التمييز العنصري بفرنسا التصدي “للأسباب البنيوية والممنهجة للتمييز العرقي، ومن ضمن ذلك في إنفاذ القانون، وبخاصة في الشرطة”.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، أقر مجلس الدولة، وهو أعلى سلطة إدارية في فرنسا، بممارسة الشرطة لعمليات التفتيش التمييزية ضد الرجال والفتيان السود والعرب، لكنها لم تقترح اتخاذ أي إجراء.

وطوال السنة تعرّضت المساجد، والكُنس، والمقابر لهجمات عنصرية، وغالبًا ما تعرّضت للتخريب برموز عنصرية ورسائل تُروّج للجماعات السياسية المتطرفة. وعقب تصاعد العنف في إسرائيل وغزة المحتلة، ازدادت الأنباء الواردة عن الهجمات مع تشويه المدارس والجدران برموز نازية ومعادية للسامية.

وأعربت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة عن قلقها إزاء القوالب النمطية التمييزية المستمرة ومعدلات البطالة المرتفعة في صفوف النساء المهاجرات اللواتي لا يحملن وثائق قانونية، والنساء المنتميات إلى الأقليات الإثنية أو الدينية، والنساء ذوات الإعاقة، وكبيرات السن.

النساء والفتيات المسلمات

تجاهل مجلس الدولة توصية المقرر العام وقضى بأنه يمكن لاتحاد كرة القدم الفرنسي الحفاظ على سياسة تمييزية تمنع فعليًا اللاعبات من النساء والفتيات المسلمات اللواتي يرتدين غطاء الرأس الديني من المشاركة في المباريات. وفي أكتوبر/تشرين الأول، دعا 69 فريقًا إلى إلغاء الحظر التمييزي الذي فرضه اتحاد كرة السلة الفرنسي على مشاركة النساء والفتيات اللواتي يرتدين غطاء الرأس الديني.

وفي سبتمبر/أيلول، قال وزير الرياضة في مقابلة أجريت معه إن النساء اللواتي يرتدين غطاء الرأس الديني لا يمكنهن تمثيل فرنسا في الألعاب الأوليمبية التي تقام في باريس عام 2024. وقد انتقدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان هذا القرار قائلة: “لا يجوز لأحد أن يفرض على امرأة ما تحتاج إلى ارتدائه أو عدم ارتدائه”، محذرةً من العواقب الضارة لهذه الممارسات التمييزية.

وفي أغسطس/آب، بعث وزير التعليم بنشرة رسمية إلى مديري المدارس يحظر فيها ارتداء العباءة والقميص في كافة المدارس الرسمية. ولم تُعرّف النشرة هذين المصطلحين، على الرغم من أنهما ينطبقان على مجموعة من الملابس الفضفاضة. وقد تمركزت الشرطة خارج بعض المدارس، وفي غضون أسبوع من الحظر، رُفض السماح لعشرات الفتيات المسلمات بالدخول، ما انتهك حقوقهن في التعليم وعدم التمييز.

أفراد مجتمع الميم

أشارت مجموعات مجتمع الميم إلى حدوث زيادة في أعمال العنف ضد مجتمعهم؛ إذ تعرضت المراكز الاجتماعية التابعة لهم في كافة أنحاء البر الفرنسي وفي الأراضي الخارجية لهجمات وعمليات تخريب.

الهجمات وعمليات القتل غير المشروعة

لم يستوف الإطار القانوني في فرنسا المتعلق باستخدام القوة المميتة والأسلحة النارية من جانب هيئات إنفاذ القانون، أحكام القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وفي يونيو/حزيران، أطلق شرطي النار على طفل فرنسي من أصل جزائري اسمه نائل م.، وعمره 17 عامًا، فأرداه قتيلًا بصورة غير قانونية، وذلك خلال تفتيش مروري. وأثارت عملية القتل غضبًا عارمًا إزاء استخدام القوة المميتة، والإفلات من العقاب، والعنصرية الممنهجة في عمليات إنفاذ القانون الفرنسية. وأعقب ذلك احتجاجات واضطرابات واسعة النطاق. وفي بعض المناطق نُشرت وحدات عسكرية إلى جانب عناصر إنفاذ القانون. وأجري 32 تحقيقًا على الأقل في حوادث استخدام القوة المفرطة من جانب هيئات إنفاذ القانون خلال الاحتجاجات والاضطرابات اللاحقة. وقُتل سائق التوصيل محمد بن إدريس وأُصيب عشرات الأشخاص بجروح خطرة – حيث عانى بعضهم تشوهات دائمة – عقب إصابتهم بأسلحة أقل فتكًا.

لم يُحرَز أي تقدم نحو إقامة العدل بشأن مقتل المواطنة الجزائرية زينب رضوان التي توفيت عقب إصابتها بعبوة غاز مسيل للدموع أطلقتها الشرطة خلال احتجاج جرى خارج شقتها في ديسمبر/كانون الأول 2018.

حرية التجمع

لجأت السلطات على نحو متكرر إلى فرض القيود المفرطة، وغير المتناسبة، وغير المشروعة على الاحتجاجات. وتعرّض المحتجون على نحو متكرر للاعتقالات التعسفية والغرامات، فضلًا عن مصادرة معدات السلامة، ولافتات الاحتجاج، والآنية، والحَلّات، ومكبّرات الصوت.

وفي أغلب الأحيان منعت السلطات على نحو استباقي إقامة الاحتجاجات مستشهدةً بالمخاطر على “النظام العام”، بدون النظر في خيارات بديلة لتسهيل التجمع السلمي. وفي أبريل/نيسان، نقضت محكمة إدارية في باريس آخر أمر في سلسلة من أوامر الحظر الشاملة، معلنةً أنها “بوضوح انتهاك غير قانوني للحق في الاحتجاج … وليست ضرورية أو متناسبة للحفاظ على النظام العام”.

وفي يوليو/تموز، أيدت محكمة سيرجي – بونتواز الإدارية حظرًا بموجب “النظام العام” على تجمع لإحياء الذكرى السنوية لوفاة أداما تراوري في الحجز. وأجرت الشرطة اعتقالات باستخدام العنف، وتسببت بإصابة بليغة ليوسف تراوري شقيق الراحل أداما. وقد أيدت المحكمة حظر احتجاج لاحق ضد عنف الشرطة والعنصرية الممنهجة، مستشهدةً مرة أخرى بالمخاطر على النظام العام على أثر الاضطرابات واسعة النطاق التي أعقبت مقتل نائل م.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، أصدر وزير الداخلية مذكرة دعت السلطات المحلية إلى فرض الحظر الاستباقي على كافة احتجاجات التضامن مع فلسطين، وهذا هجوم غير متناسب وتمييزي على الحق في التجمع السلمي. وقد جرى الطعن في الحظر أمام مجلس الدولة الذي قرر إنه يتعين على السلطات المحلية تقدير المخاطر على النظام العام على أساس كل حالة على حدة.

وغالبًا ما كان تفريق الاحتجاجات باستخدام القوة – ومن ضمنه الضرب بالهراوات دون تمييز – أول تكتيك يُلجأ إليه. وفي مارس/آذار، أعربت مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا عن قلقها إزاء استخدام القوة المفرطة والاعتقال والاحتجاز التعسفيين للمحتجين والمارة. وشجب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالمدافعين عن البيئة الرد “غير المتناسب” لهيئات إنفاذ القانون على احتجاج بيئي في سانت سولين، وكان هذا الرد قد أوقع إصابات عديدة. وقد احتاج أحد المتظاهرين إلى علاج عصبي عقب وضعه في غيبوبة مُستحثة طوال شهر وقضائه ستة أسابيع في العناية المركّزة.

وفي يونيو/حزيران، أعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين، والصحفيين، والمارة في الاحتجاجات المتعلقة بإصلاح نظام التقاعد وبالمناخ، ومن ضمن ذلك استخدام قنابل الصعق اليدوية والغاز المسيل للدموع، وإطلاق الرصاص المطاطي من مركبات متحركة.

أعربت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا عن ذعرها إزاء الإصابات التي تعرّض لها المحتجون، وحثت على إصلاح آلية مساءلة هيئات إنفاذ القانون.

فتحت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تحقيقًا في ما تعرض له لوران ثيرون من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بحسب ما زُعم؛ إذ فقد ثيرون البصر في إحدى عينه بسبب قنبلة صعق يدوية ألقاها عليه شرطي في احتجاج جرى عام 2016.

وفي مايوت، أطلق الأفراد المكلفون بإنفاذ القانون ذخيرة حية بصورة غير قانونية نحو الأرض لتفريق الحشود خلال الاحتجاجات والاضطرابات التي حدثت ضد طرد المهاجرين الذين لا يحملون وثائق قانونية.

حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها

ألغى مجلس الدولة قرار الحكومة بحل مجموعة نشطاء البيئة لي سوليفمون دو لا تير (Les Soulèvements de la Terre)، مستشهدًا بالحاجة إلى احترام الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. وقد وصف وزير الداخلية أعضاء المجموعة بأنهم “إرهابيون بيئيون”.

خلال جلسة استماع برلمانية عُقدت، في أبريل/نيسان، عقب تنديد الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان بالاستخدام المفرط للقوة من جانب هيئات إنفاذ القانون، اقترح وزير الداخلية وجوب التدقيق في تمويل المجموعة.

المراقبة الجماعية

بذريعة استضافة الألعاب الأوليمبية في باريس عام 2024، أصدر البرلمان قانونًا جديدًا يجيز لهيئات إنفاذ القانون استخدام تكنولوجيا المراقبة الجماعية بواسطة الفيديو التي تُشغَّل بواسطة الذكاء الاصطناعي.1 وفي أعقاب الإدانة واسعة النطاق من جانب المجتمع المدني لتهديد الحق في الخصوصية، وفي عدم التمييز، والحقوق الأخرى، قضت المحكمة الدستورية، في نوفمبر/تشرين الثاني، بأن صلاحيات المراقبة الموسعة الممنوحة لوزارة العدل – والتي تُمكّن من التشغيل عن بعد للأجهزة الإلكترونية التي تلتقط الصوت والصورة – غير قانونية. بيد أنها وافقت على التشغيل عن بعد لتحديد الموقع الجغرافي.

المحاكمات الجائرة

في أبريل/نيسان، أدين حسن دياب غيابيًا بتفجير كنيس شارع كوبرنيك عام 1980. وقد مضت الإدانة قدمًا على الرغم من الدعوات التي أطلقتها منظمات حقوقية لإسقاط التهم استنادًا إلى أسس المحاكمة العادلة، وبسبب التجاوزات الكبيرة في ملاحقة حسن دياب التي دامت عقودًا من الزمن.2

المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

أعربت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة مجددًا عن قلقها إزاء رفض فرنسا وتأخيرها لإعادة مواطنات وأطفال فرنسيين محتجزين في أوضاع شبيهة بالسجون في مخيمات بشمال شرقي سوريا إلى الوطن.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

عقب تصويتات أولية مؤيدة في البرلمان، أعاد الرئيس تأكيد دعمه لتكريس “حرية الحصول على الإجهاض” في الدستور في 2024.

سلّطت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الضوء على حالات التفاوت الشديد بين المدن الفرنسية و”المقاطعات والأقاليم الفرنسية ما وراء البحار”، طالبةً أن تعالج فرنسا “المشكلة المتكررة للحصول على الماء في مايوت وغوادلوب”.

حقوق الطفل

أثارت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل في يونيو/حزيران بواعث قلق إزاء ازدياد عدد الأطفال والأسر التي تعيش في حالة فقر.

الحق في معرفة الحقيقة، وتحقيق العدالة، والحصول على التعويض

أقرت محكمة النقض بالولاية العالمية في نظام القضاء الفرنسي فيما يتعلق بقضيتين تتعلقان بجرائم حرب ارتُكبت في سوريا. وفي أكتوبر/تشرين الأول، تبنى البرلمان تعديلًا تشريعيًا يمكن أن يخفف جزئيًا من شروط عمليات المقاضاة على جرائم دولية مثل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية.

الحق في بيئة صحية

في يونيو/حزيران، ذكرت الهيئة الاستشارية المستقلة المجلس الأعلى للمناخ أن فرنسا لم تُحرز تقدمًا كافيًا باتجاه هدف الحياد الكربوني الذي حددته.

في أكتوبر/تشرين الأول، نشرت صحيفة ذا غارديان تقريرًا خلص إلى أن المصارف الفرنسية هي الممولة الأكثر سخاءً لأكبر مشروعات استخراج الوقود الأحفوري في العالم.

أصدرت الحكومة استراتيجيتها الجديدة للتخطيط البيئي، ومن ضمنها تعهد بوضع حد لاستخدام طاقة الفحم بحلول عام 2027 بعد أن أخفقت في الوفاء بهدفها الأولي لعام 2022.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، غرّم مجلس الدولة الحكومة مجددًا على خلفية تقاعسها عن التصدي الوافي لتلوث الهواء.

حقوق اللاجئين والمهاجرين

اعتمد البرلمان قانونًا “لضبط الهجرة” قائمًا على التمييز وكراهية الأجانب، ودعت منظمة المدافع عن الحقوق (Défenseur des droits) واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى رفضه استنادًا إلى أسس حقوقية. وقد وسّع القانون الصلاحيات الإدارية لاحتجاز وطرد الرعايا الأجانب الذين يُعدون “خطرًا على النظام العام” أو تقاعسوا عن “احترام القيم الجمهورية”، بصرف النظر عن وضع إقامتهم وبدون معايير دقيقة. كما أنه قوّض الحقوق في الحياة الأسرية، والسكن، والصحة، وأعاد تجريم الإقامة “غير النظامية”، وهي جرم أُلغي سابقًا في عام 2012.

جعلت العقبات أمام تجديد الإقامة وحقي تنظيم الوضع وتقديم استئناف وضع المهاجرين محفوفًا بدرجة أكبر من المخاطر، في حين أن تراجع الخبرة القضائية في محاكم اللجوء قلّل من حصول طالبي اللجوء على العدالة. واستمرت ممارسة الاحتجاز الإداري للأطفال في مايوت. وقُدمت إلى المحكمة الدستورية، في ديسمبر/كانون الأول، طعون في نصوص متعددة من القانون الجديد.

أصدرت فرنسا طيلة السنة أوامر طرد إلى دول يمكن أن يرقى فيها الترحيل القسري إلى مستوى الإعادة القسرية، من بينها سوريا، وإيران، والسودان، وأفغانستان، وهاييتي، واحتجزت مواطنين من هذه الدول.

في نوفمبر/تشرين الثاني، أمر وزير الداخلية بترحيل مواطن أوزبكي – “السيد أ” – متجاهلًا قرارًا صادرًا عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يمنع طرده بسبب خطر تعرّضه للتعذيب. وفي ديسمبر/كانون الأول، ندد مجلس الدولة بالترحيل ووجّه الحكومة باتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لضمان عودة السيد أ إلى فرنسا.

في فبراير/شباط، أعربت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل عن قلقها العميق إزاء احتجاز الأسر التي تطلب اللجوء مع أطفالها، علاوة على الأطفال غير المصحوبين بذويهم. وانتقدت أيضًا السكن اللاإنساني وطرائق اختبار العمر.


  1. “France: Intrusive Olympics surveillance technologies could usher in a dystopian future”, 20 March
  2. “France: Resumption of baseless and flawed Hassan Diab prosecution undermines effective justice for victims of 1980 synagogue bomb attack”, 15 March