المملكة المتحدة تستعجل إصدار قوانين الرقابة المنتهكة للخصوصية مع بدء محاكمة أجهزة الاستخبارات

اتهمت منظمتا العفو الدولية والخصوصية الدولية حكومة المملكة المتحدة بمحاولة استعجال إصدار قانون في محاولة للإفلات من براثن محاكمة تاريخية تبدأ جلساتها الاثنين للطعن في مدى مشروعية المبررات التي تسوقها أجهزة الاستخبارات البريطانية لمراقبة المواطنين البريطانيين والتنصت عليهم جماعيا أثناء استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي.

وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال كبير مدراء برنامج القانون والسياسات بمنظمة العفو الدولية، مايكل بوتشينيك: “تتلاعب حكومة المملكة المتحدة بالقوانين الوطنية كي تحرص على إمكانية استمرارها بالافتئات على القوانين الدولية”.

وأضاف بوتشينيك قائلا: “من الواضح أن الحكومة ميالة إلى نقل عوارض المرمى من مكانها عوضا عن اللعب وفق القواعد”.

وقبيل يومين فقط من بدء جلسة المحكمة المعنية بالصلاحيات التحقيقية، أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية، تيريزا ماي، أن الحكومة تسعى من باب الاستعجال إلى إصدار مشروع قانون جديد ينظم عملية مراقبة النشاطات على الإنترنت يُعرف باسم قانون “الاحتفاظ بالبيانات والصلاحيات التحقيقية”.  وزعمت الوزيرة أن مشروع القانون من شأنه “أن يقطع الشك باليقين حيال تطبيق قوانينا الخاصة بالتنصت”.

ويُذكر أن محكمة العدل الأوروبية قد ألغت قبل ثلاثة أشهر فقط القانون السابق المعروف باسم “التوجيه الصادر عن الاتحاد الأوروبي بشأن الاحتفاظ بالبيانات”، ولكن السلطات تريثت حتى آخر لحظة ممكنة من أجل الاستعجال بإصدار قانون يضمن تفادي تمحيص مواد مشروع القانون كما ينبغي.

ويتسق مقترح القانون عمليا مع التعليمات الصادرة عن محكمة العدل القاضية بالامتناع عن استخدام القانون القديم، ولكنه يتقاعس عن تناول الأسباب التي حملت المحكمة على إلغاء القانون أصلا.

وسوف تُعقد يوم الاثنين أولى جلسات المحكمة المعنية بالصلاحيات التحقيقية فيما يُعد المرة الأولى التي توضع فيها أجهزة الاستخبارات البريطانية موضع المساءلة عن نشاطاتها في المراقبة الجماعية أمام محكمة علنية.  وهي جزء من قضية قيد النظر حاليا حركتها منظمات حقوقية من قبيل منظمة الخصوصية الدولية وليبرتي ومنظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات.  وتسعى القضية إلى إثبات المستوى الذي وصلت حكومة المملكة المتحدة إليه في معرض تنصتها على نشاطات مواطنيها على الشبكة.

وقالت مديرة القسم القانوني في منظمة الخصوصية الدولية، كارلي نيست: “يعكس توقيت طرح القانون المقترح جرأة غير مسبوقة”.

وأضافت نيست قائلة: “إنه لأمر معيب أن نجد الحكومة تسعى لتوسعة نطاق ما تقوم به الدولة من تنصت في الوقت الذي تشهد المحاكم ومنابر الرأي العام فيه طعنا بالصلاحيات الواسعة الممنوحة لأجهزة الاستخبارات البريطانية على صعيد المراقبة والتنصت”.

وسوف تقدم المنظمات أثناء جلسة المحكمة طعنا بتأكيدات الحكومة الزاعمة بأن لها الحق في الاطلاع على أوامر البحث بشكل عشوائي والتنصت على الاتصالات التي تتم بين المقيمين البريطانيين في حال استخدموا مزودي خدمة يمتلكون مقارا خارج المملكة المتحدة”.

وقال مايكل بوتشينيك: “للمرة الأولى تجد أجهزة الاستخبارات البريطانية نفسها مضطرة لتبرير نشاطاتها والدفاع عن سياستها في التنصت الجماعي على الرغم من أنها سياسة لا يمكن الدفاع عنها أو تبريرها”.

واضاف بوتشينيك قائلا: “وحتى أثناء استماع هيئة المحكمة لما لدى المنظمات من طعون، لم تتوقف الحكومة عن استعجال إصدار قانون جديد في محاولة لكبح جماح النقاش الدائر بشأن حماية الخصوصية الفردية”.

وبعد مضي عام واحد على المعلومات التي كشف إدوارد سنودن النقاب عنها، استمرت حكومة المملكة المتحدة في رفضها تأكيد أو إنكار قيامها بالتجسس على منظمات حقوق الإنسان أو الكشف عن كيفية توظيفها لصلاحيات الرقابة الجماعية التي تدعي أنها تمتلكها.  إلا إن المعلومات المتوفرة من دول أخرى، لا سيما الولايات المتحدة، تؤكد بقوة تورط المملكة المتحدة.

وقالت كارلي نيست: “ولا ينبغي إغفال حقيقة أن السياسة الحالية ومشروع القانون الجديد يمنحان الحكومة رخصة كي تعمل ما تشاء على صعيد الانتهاك الصارخ والجماعي للخصوصية”.

ولقد طُرح مشروع قانون الاحتفاظ بالبيانات والصلاحيات التحقيقية بدعم من مختلف أحزاب البرلمان، ما يشير إلى احتمال إبرام صفقة وراء الكواليس.

وأضافت قائلة: “يظهر أنه قد تم التوصل إلى اتفاقات خلف الأبواب المغلقة، ما يقلص فرصة النقاش داخل مجلس العموم ويضفي طابعا من اللؤم على تحركات الحكومة”.

ولقد كشفت ادعاءات سنودن وجود ثغرات واضحة في الإطار القانوني المعمول به داخل المملكة المتحدة، حيث سلكات الضوء على عملية إصدار مذكرات توافق بصورة شبه تلقائية على تطبيق التنصت الجماعي دون تمحيص ضمن آلية تمنح وكالة الأمن الوطني في الولايات المتحدة المعلومات التي تود الحصول عليها”.

وقال مايكل بوتشينيك: “يجب أن تكون جلسة يوم الاثنين بداية لحوار كامل وصريح حول كيفية إيجاد توازن بين الاحتياجات الأمنية والحقوق المتعلقة بالخصوصية”.

واختتم بوتشينيك تعليقه قائلا: “لآ شك أن المملكة المتحدة بحاجة إلى قوانين جديدة أكثر وضوحا حيال كيفية قيام أجهزتها الاستخباراتية بالتنصت، ولكن يجب أن تشمل تلك القوانين في صميمها الحق في حرية تلقي المعلومات ونشرها دون تدخل من طرف ثالث”.