أيرلندا: يجب أن يكون التحقيق في “دور الأمهات والأطفال الصغار” صارماً وشاملاً

قالت منظمة العفو الدولية اليوم، في رسالة بعثت بها إلى رئيسة الوزراء، إندا كيني، إن تشكيل الحكومة الأيرلندية لجنة تحقيق مستقل في “دور الأمهات والأطفال الصغار” يجب أن يؤدي إلى إجراء تحقيق فعال وشامل يفي بالكامل بالتزامات أيرلندا حيال حقوق الإنسان.

وأكد جون دالهاوزن، مدير برنامج أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة العفو الدولية، أنه “لا بد أن يحتل واجب أيرلندا في ضمان الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة وتقديم التعويضات للضحايا ممن تعرضوا لانتهاك حقوقهم الإنسانية متن عمل لجنة التحقيق.

“وينبغي أن تفوض اللجنة صلاحية تقصي أسباب ارتفاع معدلات وفيات المواليد والأطفال في بيوت “الأمهات والأطفال الصغار” في شتى أنحاء البلاد، وكذلك بواعث القلق الأخرى التي تم الإبلاغ عنها، بما فيها حالات التبني غير القانونية، وإخضاع الأطفال لتجارب على المطاعيم دون موافقة، والعمل القسري، وحرمان النساء من الرعاية الطبية الكافية.

“ومن الضرورة بمكان، كذلك، أن تواجه أيرلندا إرث انتهاكات الماضي لحقوق الإنسان هذا، وأن تعترف به وتعالجه، إذا ما أرادت المضي قُدماً كمجتمع يحترم حقوق البشر.”

وتلبي لجنة التحقيق المقترحة شرط الاستقلالية الضروري، ولكن يجب أن تكفل الحكومة الأيرلندية مدها بالموارد الكافية وبصلاحيات صارمة تلتتزم بحقوق الإنسان. ويجب على الحكومة أن تستجيب للمعطيات التي تتوصل إليها اللجنة استناداً إلى تقيدها بالتزاماتها بصورة أكثر صدقاً وفق ما يقتضيه القانون الدولي لحقوق الإنسان بالمقارنة مع ما كان عليه الأمر في قضية “مغاسل ماغدالين”.

وتعليقاً على التحقيق الجديد، قال كولم أوغورمان، المدير التنفيذي للفرع الأيرلندي لمنظمة العفو الدولية، إن “على الحكومة الأيرلندية عند مباشرتها هذا التحقيق أن لا تعود إلى تدابيرها القاصرة السابقة، ولا سيما في طريقة ردها على تقارير انتهاكات النساء والأطفال في مغاسل ماغدالين. والمراجعة التي أجرتها اللجنة الوزارية المشتركة في 2013 ليست سوى وصفة لعدم إجراء تحقيق فعال في انتهاكات حقوق الإنسان فيما مضى.

“وفضلاً عن ذلك، فقد استخدمت الحكومة تلك المراجعة للتقليل من شأن انتهاكات حقوق الإنسان في مغاسل ماغدالين. ويتعين على الحكومة أن تقارب العملية التي ستتكفل بها لجنة التحقيق الجديدة بصورة أكثر نزاهة. وعلى وجه خاص، يتعين على الحكومة أيضاًأن تتعامل، مرة واحدة وإلى الأبد، مع المزاعم التي لا تحصى بإخضاع نساء مغاسل ماغدالين للاحتجاز التعسفي والعمل القسري وسوء المعاملة.”

وأشارت منظمة العفو الدولية في رسالتها إلى دعوات بعض الناجيات من “مغاسل ماغدالين” ومنظمة “أبحاث من أجل إنصاف نساء ماغدالين” من أجل توسيع نطاق عمل لحنة التحقيق الجديدة لتشمل هذه المؤسسات. ودعت منظمة العفو الدولية الحكومة إلى إيلاء هذا الاقتراح الاهتمام الكامل والمناسب.

وقال كولم أوغورمان: “إذا ما خولت لجنة التحقيق هذه الصلاحيات المناسبة، سيكون باستطاعتها حقاً أن تشكل فرصة سانحة لضمان الحقيقة والمساءلة في نهاية المطاف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان السابقة، التي شهدتها مغاسل ماغدالين”.

كما أشارت منظمة العفو الدولية إلى أنه بينما يتعين على الحكومة الأيرلندية أن تسرِّع وتيرة التحقيق، الضروري على نحو مُلح، في “دور الأمهات والأطفال الصغار” و”مغاسل ماغدالين”، يجب عليها أيضاً أن تمعن النظر في الثغرات الأخرى التي يمكن أن تكون قد ثلمت تحقيقاتها السابقة بشأن مزاعم الانتهاكات في مثل هذه المؤسسات.

واختتم كولم أوغورمان بالقول: “إن التركيز مجدداً على مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في “دور الأمهات والأطفال الصغار” يسلط الضوء أيضاً على بعض الثغرات المهمة في طرق تعامل أيرلندا فيما سبق مع الانتهاكات المؤسسية، بالرغم من إجراء عدد من التحقيقات وإصدار التقارير فيما مضى. ويجب على الحكومة الأيرلندية الآن أن تمعن النظر في الثغرات التي ما زالت قائمة، وأن تضمن معالجتها على وجه السرعة وبشكل فعال”.

خلفية

دفع اكتشاف رفات ما يصل إلى 796 وليداً وطفلاً فارقوا الحياة في “دار الأمهات والأطفال الصغار” السابقة في توام، بكو غالوي، الحكومة الأيرلندية إلى الإعلان في 10 يونيو/حزيران 2014 عن إطلاق لجنة تحقيق لتقصي مزاعم وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان في مثل هذه “الدور” في أنحاء مختلفة من أيرلندا. ويجري تمويل “الدور” المماثلة لتلك التي كانت موجودة في توام، من قبل الدولة، وقد أدارتها هيئات دينية منذ عشرينيات القرن الماضي حتى مطلع التسعينيات، في الأوقات التي كان يؤدي فيها الحمل خارج كنف الزوجية إلى وصمة اجتماعية لا يستهان بها للحوامل.

وتحض منظمة العفو الدولية السلطات على تخويل لجنة التحقيق في “دور الأمهات والأطفال الصغار” صلاحيات وسلطات تمكنها من جمع كل ما يتوافر من معلومات لها صلة بالأمر، بما في ذلك صلاحية فرض الكشف عن المعلومات وحضور الأشخاص، حسبما وحيثما يقتضي الأمر. وينبغي أن تكون قادرة على تقرير ما إذا كانت أي انتهاكات لحقوق الإنسان قد وقعت، وإذا ما كان الأمر كذلك، على تحديد الضحايا قدْر الإمكان. وينبغي أن تقوم بتحليل العوامل التي أسهمت في أية انتهاكات لحقوق الإنسان يجري الكشف عنها- بما فيها، دون حصر، الهياكل المؤسسية، والسياسات والممارسات- ودَور الدولة وسواها من المؤسسات، سواء عن طريق ما اتخذت من إجراءات أو بسبب الامتناع عن اتخاذها. ويجب أن تتمتع لجنة التحقيق بصلاحية صياغة توصيات فعالة لتقديم الجبر الوافي للضحايا، بما في ذلك عائلاتهم، عن أي انتهاكات لحقوق الإنسان يتبين أنهم قد عانوا منها.

وينبغي أن تتمتع لجنة التحقيق بالاستقلال المالي والإداري والتشغيلي. كما ينبغي أن تتلقى الموارد الكافية، بما فيها الدعم من قبل عدد كاف من الموظفين المدربين والمهرة وذوي الخبرة. كما ينبغي أن يتاح لها التواصل مع مستشارين قانونيين محايدين من ذوي الخبرة. وكمبدأ عام، ينبغي أن تكون جميع جوانب عملها شفافة ومعلنة على الملأ، وخاضعة لشروط السرية اللازمة لحماية حقوق الضحايا والشهود الأفراد وسواهم. كما ينبغي أن يكون الضحايا قادرين/قادرات على المشاركة الفعالة في تقصيّات اللجنة، وأن يستشاروا/يستشرن بشأن المسائل المهمة التي تؤثر على مصالحهم/مصالحهن. وينبغي أن يعامل هؤلاء باحترام للكرامة المتأصلة فيهم، وبإنسانية.

وقد انتقدت منظمة العفو الدولية الحكومة الأيرلندية لتقاعسها عن إجراء تحقيق سريع وواف ومستقل في انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في “مغاسل ماغدالين”، وفق ما أوصت بها لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة في 2011.

وفي 5 فبراير/شباط 2013، نشرت لجنة حكومية شاركت فيها عدة وزارات تقريراً “لإيضاح أي تداخل ما بين عمل الدولة ومغاسل ماغدالين”. بيد أنها لم تتقصّ العديد من مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان ولم يفضِ عملها إلى اعتماد معايير كافية لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة وتقديم التعويضات. وتتناقض المعطيات التي توصلت إليها مع شهادات مباشرة عديدة من الناجين بشأن نطاق الانتهاكات، بما في ذلك المعاملة اللاإنسانية والمهينة والاحتجاز التعسفي وعمل السخرة، التي تعرضت لها العديد من النساء والفتيات في هذه المؤسسات.