كينيا: الصوماليون كبش فداء في حملة مكافحة الإرهاب

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن مجتمع الصوماليين في كينيا يُقدَّم كبش فداء في عملية مكافحة الإرهاب التي شهدت إخضاع آلاف الأشخاص للاعتقال التعسفي والمضايقة والابتـزاز وإساءة المعاملة والنقل القسري والطرد.

ففي تقرير موجز جديد توثِّق منظمة العفو الدولية موجة مقلقة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تعرَّض لها مجتمع الصوماليين في كينيا منذ بدء الحملة الأمنية- التي عُرفت باسم “عملية أوسلاما”- في مطلع أبريل/نيسان 2014.

وقالت ميشيل كغاري، نائبة مدير البرنامج الإقليمي لشرق أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “يبدو أن عملية “مراقبة أو سلاما” تُستخدم كذريعة لمعاقبة مجتمع الصوماليين في كينيا بأكمله. فقد أصبح الصوماليون أكباش فداء، حيث تم اعتقال آلاف الأشخاص وإساءة معاملتهم ونقلهم قسراً إلى أماكن أخرى وطرد مئات آخرين منهم بصورة غير قانونية إلى بلد تمزقه الحروب.”

وأضافت تقول: “في الوقت الذي نعترف فيه بأن كينيا تشعر بقلق مشروع على أمنها الوطني، فإن استهداف مجتمع مهمَّش ومستضعف أصلاً بالجملة يشكل انتهاكاً فظيعاً للقوانين الوطنية والقانون الدولي. إننا ندعو الحكومة الكينية إلى وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الصوماليون، بمن فيهم اللاجئون، وضمان حمايتهم وتحقيق الإنصاف لهم حيثما وقعت تلك الانتهاكات.”

وقد بدأت السلطات الكينية حملات قمعية جماعية في أعقاب هجومين وقعا في مارس/آذار وأسفرا عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. إن انعدام الشفافية والإجراءات الواجبة يعني أن عدد الذين اعتُقلوا والذين ما زالوا قيد الاعتقال ظل غير معروف بدقة. بيد أنه نُقل عن وزير الداخلية والتنسيق في الحكومة الوطنية جوزيف أولي لينكو قوله إنه قُبض على أكثر من 4,000 شخص في الأسبوع الأول للعملية وحده.

ولا علم لمنظمة العفو الدولية بتوجيه تهم تتعلق بالإرهاب إلى أيٍّ من الصوماليين الذين اعتُقلوا خلال تلك الحملة.

وفي بعض الحالات احتُجز المعتقلون لعدة أيام في أوضاع غير صحية في زنازن مكتظة وفي استاد كرة القدم بدون طعام، ولم يُسمح لهم بالاتصال بمحامين. وفي إحدى الحالات علمت منظمة العفو الدولية أن طفلة قضت نحبها بعد أن تُركت وحيدة في المنـزل لمدة ثلاثة أيام بينما كانت والدتها قيد الاعتقال. كما كانت الاتصالات بالمعتقلين من جانب المنظمات ذات الصلة، كمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، محدودة للغاية.

وقامت منظمة العفو الدولية بتوثيق العديد من حالات الضرب والترهيب والابتزاز والمضايقة الجنسية على أيدي قوات الأمن خلال تلك العمليات. وعلمت المنظمة بحالة امرأة أُصيبت بصدمة وقضت نحبها في وقت لاحق في المستشفى بعد أن حاولت قوات الأمن اقتحام شقتها. كما علمت بحالتين أُخريين توفي فيهما طفلان نتيجة للحملة الأمنية.

ونُقل قسراً ما يزيد على 1000 صومالي إلى مخيمات لاجئين مكتظة وغير آمنة في شمال كينيا. وكان من بين الذين أُرسلوا إلى المخيمات أطفال فُصلوا عن والديهم ونساء مرضعات فُصلن عن رُضَّعهن.

وعلى الرغم من الأوضاع الأمنية المتدهورة في الصومال، فقد تم طرد 359 صومالياً من كينيا، بينهم ما لا يقل عن ثلاثة لاجئين مسجَّلين. وكان العديد من المطرودين يحملون بطاقات هوية أجانب، أو ادَّعوا أن وثائق اللاجئين أو الأجانب التي كانت بحوزتهم قد صُودرت أو أُتلفت بعد اعتقالهم. إن طرد اللاجئين أو طالبي اللجوء إلى بلد كالصومال، حيث تكون حياتهم أو حريتهم مهدّدة، يشكل انتهاكاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي يعتبر حجر الزاوية في حماية اللاجئين.

وقالت ميشيل كغاري: “إن كينيا تنتهك دستورها الخاص والقانون الدولي بإخضاعها مجتمع الصوماليين لعمليات الطرد غير القانوني والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة خلف ستار عملية ’مراقبة أوسلاما‘ لمكافحة الإرهاب.”

وأضاف يقول: “إن كلمة “أوسلاما” باللغة السواحيلية تعني “الأمن”. وإن قمع مجتمع الصوماليين في كينيا لن يساعد على جعل كينيا أكثر أمناً. ولذا فإننا ندعو السلطات الكينية إلى التقيد بالتـزاماتها القانونية الدولية وبأحكام دستورها، وإلى احترام حقوق الإنسان وإعادة “أوسلاما” إلى مجتمع الصوماليين في كينيا.”

خلفية:

بدأت عملية “مراقبة أوسلاما” عقب الهجمات التي وقعت في مومباسا وإيستليه، وهو حي تقطنه أغلبية صومالية في نيروبي، في مارس/آذار. وفي 4 أبريل/نيسان أغلقت قوات الأمن حي إيستليه وبدأت باعتقال آلاف الأشخاص بصورة عشوائية.

وركَّزت العملية في البداية على مجتمع الصوماليين، ومن بينهم اللاجئون وطالبو الجوء. وفي الوقت الذي طاولت فيه حملة الاعتقالات مواطنين كينيين ولاجئين من جنسيات أخرى ومواطنين أجانب ممن لا يحملون وثائق ثبوتية وعاملين في منظمات غير حكومية، فإن العملية ركَّزت على الصوماليين بصورة غير متناسبة.

ويتزامن نشر هذا التقرير مع موعد جلسة الاستماع إلى التماس مقدم من تسعة أعضاء في جمعية مجتمع إيستليه نيابةً عن أكثر من 500 شخص آخر.

لقد شكَّل الصوماليون أغلبية الأشخاص الذين طُردوا. ولكن منظمة العفو الدولية على علم بطرد 28 إثيوبياً واعتقال ستة طالبي لجوء أوغنديين وإعادتهم إلى أوغندا.