اليمن: مقتل 15 مدنياً في هجمة جوية يؤكد انعدام المساءلة على نحو خطير

قالت منظمة العفو الدولية إن البلبلة الحاصلة بشأن الجهة المسؤولة عن الضربة الجوية التي أودت بحياة 15 رجلاً كانوا في طريقهم إلى حفل زفاف في اليمن يوم الخميس يفضح انعدام المساءلة عن وفاة عشرات المدنيين في البلاد.فقد نُقل عن مسؤولين أمنيين محليين قولهم إن موكب العرس استُهدف خطأً على أنه قافلة لمقاتلي تنظيم القاعدة، ولكنهم لم يحددوا نوع الطائرة التي استُخدمت في الهجوم. ويزعم مسؤولون قبليون ووسائل إعلام محلية أن طائرة بدون طيار هي التي استُخدمت في تلك العملية- وإذا صحَّ هذا الخبر، فإن ذلك يشير إلى ضلوع الولايات المتحدة في الهجوم.وقال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه “إذا تبيَّن أن تلك الحادثة هي حادثة قتل أشخاص بسبب ارتكاب خطأ في تحديد هويتهم أو استناداً إلى معلومات استخبارية مضللة، فإن الجهة المسؤولة عنها، أياً كانت، يجب أن تعترف بخطأها وأن تكون صادقة في الكشف عن حقيقة ما حدث.”وأضاف لوثر يقول: “إن انعدام الشفافية المريع بشأن مقتل المدنيين في اليمن يعني أنه عندما تقع الانتهاكات، فإن الضحايا وعائلاتهم لا يحصلون على إنصاف فعال أو تعويضات. وينبغي وضع حد لحالة انعدام المساءلة عن عمليات القتل هذه.”وذكرت أنباء محلية أن ما لا يقل عن 15 رجلاً قتُلوا وأُصيب عدد آخر بجروح يوم الخميس عندما استهدفت ثلاثة صواريخ موكب سيارات في رادع بمحافظة البيضا- التي تقع على بعد نحو 170 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة صنعاء. ولم يكن بالإمكان التعرف على هوية ثلاث جثث من بين الخمس عشرة جثة لأنها كانت مقطَّعة إرباً نتيجة للهجوم.وتراوحت أعمار الرجال الذين قُتلوا في الضربة الجوية بين 20 و70 سنة. وكان من بين الجرحى اثنان من زعماء القبائل الرئيسيين.

موجة قتل المدنيين

تمثل الضربة الجوية التي وقعت في رداع العملية الأحدث في سلسلة الحوادث الأخيرة التي أسفرت عن مقتل مدنيين يمنيين وإفلات الجناة من العقاب.وفي تعز، التي تبعد نحو 240 كيلومتراً عن رداع، وفي اليوم نفسه، نقلت وسائل إعلام محلية أنباء عن تعرُّض موكب عرس آخر لإطلاق النار عند نقطة تفتيش تابعة للجيش. وقد قُتل طفل في الخامسة من العمر وأُصيب رجل واحد وثلاث نساء بجروح.وفي ضربتين جويتين منفصلتين وقعتا منذ سبتمبر/أيلول، ذُكر أن صواريخ، يُعتقد أنها أُطلقت من طائرات بدون طيارين، أودت بحياة 11 شخصاً في رداع- من بينهم عائلة مؤلفة من ثلاثة أشخاص- بالإضافة إلى ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص آخرين لم تُذكر أسماؤهم، ممن كانوا مسافرين في سيارة في حضرموت بشرق اليمن. وزعمت السلطات الأمريكية أن الرجال الثلاثة الذين قُتلوا في الهجوم الثاني هم أعضاء في تنظيم القاعدة.وعلى الرغم من الدعوات المتكررة التي وجهتها منظمة العفو الدولية إلى السلطات الأمريكية، فإن الأخيرة لم تؤكد ولم تنفِ دورها في الهجوم بصواريخ كروز الذي وقع في ديسمبر/كانون الأول 2009، واستُخدمت فيه القنابل العنقودية التي نجم عنها مقتل 55 شخصاً، بينهم 14 امرأة و21 طفلاً، في المعجلة بمحافظة أبين في جنوب اليمن.وقد شجبت منظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان طوق السرية الذي يحيط بالضربات الأمريكية في اليمن وغيرها من البلدان. ففي تقرير صدر بشأن الضربات التي شنتها طائرات أمريكية بدون طيارين في باكستان في أكتوبر/تشرين الأول، وثَّقت المنظمة كيف عاش المدنيون الذي يقطنون هناك في خوف دائم من الضربات الجوية التي تنفذها طائرات بدون طيارين. ولم تتم مساءلة أحد عن عمليات قتل المدنيين، بما فيها تلك التي تستخدم طائرات بدون طيارين، والتي ربما تصل إلى حد جرائم الحرب.

مزيد من سفك الدماء

لقد أدت الحوادث العنيفة التي وقعت في الأسابيع الأخيرة إلى بث حالة من الرعب في كل زاوية من زوايا اليمن تقريباً.وقد أعلن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسؤوليته عن الهجوم الذي وقع على وزارة الدفاع في العاصمة صنعاء في 5 ديسمبر/كانون الأول، والذي أسفر عن مقتل 55 شخصاً، بينهم مدنيون، وجُرح أكثر من 200 آخرين.واستعر القتال بين الجماعات المسلحة حول مدينة دماج في شمال البلاد، مما سبَّب للسكان المحليين مشكلات في الحصول على المواد الأساسية، كالغذاء والماء والوقود. وفي الجنوب والشرق أقدم أشخاص يُشتبه في أنهم أعضاء في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على اغتيال ضباط عسكريين وأمنيين واختطاف مواطنين أجانب.وفي 2 ديسمبر/كانون الأول، قُتل الشيخ سعد أحمد بن حبريش العليي، وهو زعيم قبلي بارز في حضرموت بشرق اليمن، واثنان من حراسه، بالإضافة إلى عدد من أفراد الأمن، عندما تبادلوا إطلاق النار عند نقطة تفتيش أمنية. وأدت عمليات القتل تلك إلى خروج مظاهرات كبرى تطالب الجيش وقوات الأمن بالانسحاب من المنطقة.وبعد مرور أقل من أسبوع، وقعت في صنعاء محاولة اغتيال فاشلة لياسين نعمان، وهو شخصية قيادية معارضة سابقاً ومستشار للرئيس اليمني حالياً.ومضى فيليب لوثر يقول: “إن انعدام الشفافية وغياب التحقيقات المستقلة والمحايدة في عمليات القتل وغيرها من الانتهاكات، بغض النظر عن المسؤول عنها، يعني تآكل الثقة العامة في أوضاع البلاد بشكل خطير.” كما أن ذلك يؤدي إلى “ترسيخ ظاهرة الإفلات من العقاب وتأجيج دورة الانتهاكات.”