لمحة عامة

لمحة عامة

تعني العدالة الدولية ضمان المساءلة عن بعض من أكثر الجرائم خطورة: الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، والتعذيب وحالات الإخفاء القسري.

ثمة أسباب عديدة لحرمان ضحايا هذه الجرائم من العدالة. وهي تشمل انعدام الإرادة السياسية للتحقيق في الجرائم ومقاضاة المسؤولين عن ارتكابها، وضعف أنظمة العدالة الجنائية، وتهميش الضحايا في المجتمع.

ونتيجة لذلك فقد لا يخضع الجناة للمحاسبة، حتى إنهم ربما يستمرون في شغل مناصب يمكنهم فيها ارتكاب الانتهاكات أو منع المساءلة، ويُترك الضحايا لمعاناتهم، وتُبذل جهود قليلة لمعرفة الحقيقة أو لاتخاذ خطوات تضمن عدم تكرار الجرائم بتاتاً. وفي هذه الحالات يمكن لآليات العدالة الدولية أن تتدخل لضمان إجراء تحقيقات في الجرائم على الوجه الصحيح، وإحالة الجناة إلى العدالة، وتقديم تعويض للضحايا لمعالجة الضرر الذي وقع.

آليات العدالة الدولية

المحكمة الجنائية الدولية

أُسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 وهي محكمة دائمة تستطيع إجراء عمليات تحقيق ومقاضاة للأشخاص الذين يُشتبه في ارتكابهم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، و(منذ 2018) جريمة العدوان في الحالات التي تكون فيها السلطات الوطنية غير قادرة على التصرف حقاً أو غير راغبة في ذلك. وقد أحيل عدد من القضايا إلى المحكمة حتى الآن، ويتولى حالياً المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق أو النظر في جرائم مزعومة وقعت في عدة بلدان.

المحاكم المختلطة

تؤسَّس المحاكم المختلطة عادة للتحقيق في الجرائم الواسعة النطاق والمقاضاة عليها بموجب القانون الدولي في الدول التي عصف بها نزاع أو أزمة. وغالباً ما تؤسس هذه المحاكم حيث يفتقر نظام العدالة المحلي للدولة إلى البنية التحتية الضرورية، أو الموارد البشرية، أو الإطار القانوني، أو الاستقلال للوفاء بمعايير المحاكمة العادلة، أو مواجهة التعقيدات والحساسيات السياسية للملاحقات القضائية. وقد أُسست المحاكم المختلطة أو اقتُرحت في عدد من الدول، من بينها البوسنة وكمبوديا وسيراليون.

المحاكم الخاصة

أُسست محكمتان لغرض خاص حتى الآن هما: المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا ومقرها في أروشا بتنزانيا، والمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة ومقرها في لاهاي بهولندا، وقد أُغلقت كلتا المحكمتين الآن.

الآليات الأخرى

اشتملت مبادرات ولجان مراقبة حقوق الإنسان وتوثيقها على نحو متزايد على صلاحيات تحقيق جنائية دولية. ويجب تشجيع هذه الهيئات على التعاون مع الآليات والعمليات الجنائية الدولية وتكملتها كلما أمكن. وقد كُلفت إحدى هذه الآليات التي استحدثتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2016 بجمع أدلة على الانتهاكات التي وقعت في الحرب الأهلية السورية لمساندة الإجراءات الجنائية التي تُتخذ في المحاكم الوطنية أو الإقليمية أو الدولية وفقاً للقانون الدولي.

الولاية القضائية العالمية

تشير الولاية القضائية العالمية إلى المبدأ القائل إنه يجوز للمحكمة الوطنية أو – في بعض الظروف – ينبغي عليها مقاضاة الأشخاص على الجرائم المنصوص عليها بموجب القانون الدولي مثل الجرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الحرب، أو الإبادة الجماعية، أو التعذيب – أينما تحدث هذه الجرائم استناداً إلى المبدأ القائل إنها تلحق ضرراً بالمجتمع الدولي أو النظام الدولي نفسه الذي يجوز لكل دولة أن تتحرك بمفردها لحمايته.

دراسة حالة – مجزرة سربرينيتشا

فقدت ميرسادا مالاجيتش زوجها، وابنين، وشقيقها، وغيرهم من أفراد الأسرة في مجزرة سربرينيتشا التي وقعت عام 1995. وبعد خمس سنوات أدلت بشهادتها في محاكمة الضابط في جيش صرب البوسنة راديسلاف كرستيتش في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة. وبعد أن أدلت ميرسادا ملاجيتش بشهادتها قالت للمحكمة:

أود أن أشكر جميع الذين يمكنوننا من المجيء إلى هنا، لكي نروي على الأقل ما حدث، ولنجد بعض العزاء في سرد ما حدث لنا، ولنحاول أن نبين لكم ما حدث عندما حدثت سربرينيتشا، وببساطة لنتمنى بألا تحدث مجزرة سربرينيتشا مجدداً في أي مكان. 

ميرسادا مالاجيتش

حُكم على راديسلاف كرستيتش بالسجن 35 عاماً بسبب دوره في عمليات القتل وغيرها من الجرائم.

مقطع فيديو مقدم من الآلية الدولية للأمم المتحدة لتصريف الأعمال المتبقية للمحكمتين الجنائيتين.

كيف تعزز منظمة العفو الدولية العدالة الدولية؟

إضافة إلى قيام منظمة العفو الدولية بحملات لحمل السلطات الوطنية على الوفاء بواجباتها في ضمان تحقيق العدالة والحقيقة وتقديم التعويض للضحايا فإنها ساعدت على إنشاء نظام عالمي للعدالة الدولية ليتدخل عندما تتقاعس تلك السلطات عن التصرف، ومن ضمن ذلك عبر:

  • القيام بحملات لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية وتشغيلها بفعالية.
  • دعوة الدول إلى ممارسة الولاية القضائية العالمية على الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي.
  • الدعوة لإنشاء محاكم دولية ذات غرض خاص أو محاكم مختلطة.
  • تعزيز القوانين الدولية والإقليمية والوطنية للتصدي للجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي.

كذلك تدفع منظمة العفو الدولية باتجاه تحسين إمكانية وصول الضحايا إلى العدالة الدولية، وتقيُّد آليات العدالة الدولية بحقوق الإنسان – بما في ذلك احترام حقوق المشتبه بهم، والضحايا، والشهود في عملها. ويمكنكم مطالعة المزيد حول هذا العمل هنا.

يستند عمل منظمة العفو الدولية المتعلق بالعدالة الدولية إلى أربع ركائز رئيسية: العدالة، والحقيقة، والتعويض الكامل، والضمانات بعدم التكرار.

ونعني بالعدالة أنه يجب على الدول التحقيق في جميع الجرائم المزعومة المنصوص عليها في القانون الدولي، وإذا توفرت أدلة مقبولة كافية، عليها مقاضاة جميع المشتبه بمسؤوليتهم الجنائية عنها في محاكمات عادلة أمام محاكم مدنية عادية ومن دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام.

ونعني بالحقيقة أن للضحايا وأقربائهم – بل ولنا جميعاً في الواقع – الحق في معرفة ما حدث. ويتعين على السلطات أن تكشف الحقائق المتعلقة بالجرائم المرتكبة وأن تعترف بها علناً. وقد استحدثت بعض الدول لجاناً للحقيقة لتحقيق ذلك، مع أنها لا يجوز بتاتاً أن تحل محل آليات العدالة.

ونعني بالتعويض الكامل اتخاذ تدابير فعالة من ضمنها الإعادة (مثلاً إعادة الممتلكات)، والتعويض المادي، وإعادة التأهيل للتغلب على الأذى الجسدي والنفسي، واتخاذ تدابير رمزية (مثل الاحتفالات التأبينية) – لمعالجة معاناة الضحايا وأسرهم ومساعدتهم على إعادة بناء حياتهم.

ونعني بضمانات عدم التكرار اتخاذ تدابير لضمان عدم تكرار الجرائم. وقد يشمل هذا بذل الجهود لمعالجة التمييز الكامن، وإلغاء أو تعديل القوانين التي ساهمت في وقوع الجرائم، والتدقيق في سيرة أفراد قوات الأمن، وما إلى ذلك.

وينبغي على الحكومات تحقيق العدالة وكشف الحقيقة وتقديم تعويض كامل ووضع ضمانات لعدم تكرار ما حدث. لكن حيث لا تستطيع أو لا تريد القيام بذلك ينبغي على المجتمع الدولي أن يكفل المساءلة من خلال آليات العدالة الدولية.

ما الذي تدعو إليه منظمة العفو الدولية؟

لا يجوز أن تكون هناك ملاذات آمنة، حتى لا يعود بمقدور مرتكبي أسوأ أشكال الجرائم التي يمكن تخيلها الاختباء.

  • يجب على جميع الدول أن تبدي التزامها تجاه العدالة الدولية من خلال الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية والتعاون الكامل معها. وينبغي على الدول الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن تضع نصوصه موضع التنفيذ الكامل في قانونها المحلي.
  • يتعين على الدول ممارسة الولاية القضائية العالمية على الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي عبر إجراء تحقيق ومقاضاة للأشخاص الذين يُشتبه في أنهم ارتكبوها وذلك أمام المحاكم الوطنية بصرف النظر عن مكان وقوع الجرائم.
  • ينبغي تأسيس محاكم دولية خاصة ومحاكم جنائية مختلطة، علاوة على آليات أخرى ملائمة للعدالة الدولية، وبخاصة حيث لا تستطيع المحكمة الجنائية الدولية أن تتصرف.
  • يجب على جميع آليات العدالة الدولية التي تحقق في الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي وتقاضي عليها أن تضمن إمكانية وصول الضحايا إلى العدالة فعلياً، وأن تحترم حقوق الإنسان احتراماً تاماً، ومن ضمنها حقوق المتهمين، والضحايا، والشهود خلال سير إجراءاتها.

تعريفات هامة

الإبادة الجماعية

تعني الإبادة الجماعية بعض الأفعال المرتكبة بهدف القضاء على جماعة قومية، أو إثنية، أو عرقية، أو دينية بشكل كامل أو جزئي.

الجرائم ضد الإنسانية

هي الجرائم المرتكبة كجزء من هجوم واسع النطاق أو ممنهج ضد المدنيين في زمن السلم أو الحرب. وتشمل التعذيب، وعمليات الإخفاء القسري، وأعمال القتل، والاسترقاق، والترحيل، وبعض جرائم العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ومن ضمنه الاغتصاب.

جرائم الحرب

جرائم الحرب هي انتهاكات للقانون الإنساني الدولي تُجرَّم بموجب القانون الدولي. وتشمل عمليات القتل العمد، واستهداف المدنيين، والتعذيب، واستخدام السم أو الأسلحة المسمومة، وقتل أسرى الحرب أو إساءة معاملتهم، وجرائم العنف الجنسي.

الإخفاء القسري

الإخفاء القسري هو إلقاء القبض أو الاحتجاز أو الخطف أو أي شكل آخر من أشكال الحرمان من الحرية من جانب وكلاء الدولة أو الأشخاص أو مجموعات الأشخاص الذين يتصرفون بتفويض من الدولة، أو بمساندتها، أو سكوتها، يعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص المختفي من الحرية أو التكتم على مصيره أو مكان وجوده، ما يضع مثل هذا الشخص خارج حماية القانون.

الإعدام خارج نطاق القضاء

الإعدامات خارج نطاق القضاء هي عمليات قتل غير مشروعة (بدون اتباع الإجراءات القانونية) ومتعمدة ترتكبها الحكومة (أو تُرتكب بالتواطؤ معها)، أو يرتكبها مسؤول حكومي أو من ينوبون عنه برضا أو سكوت مسؤولي الدولة الذين يتصرفون بدون أوامر.

الإفلات من العقاب

تُستخدم عبارة الإفلات من العقاب لوصف وضع يمكن فيه لشخص ما أن يرتكب جرماً (ترهيب، أو هجمات، أو قتل على سبيل المثال) بدون أو يواجه عقوبة أو عواقب.


محتوى ذو صلة